الآخرون القلعة فعاد مالك إليهم وحاصرها وارتجعها من أيديهم ورتب فيها الحامية والله تعالى ولى التوفيق * (استيلاء الإفرنج على مدينة صور) * كانت مدينة صور لخلفاء العلوية بمصر وكان بها عز الملك من قبل الأفضل بن أمير الجيوش المستبد على الامر بمصر وتجهز الإفرنج لحصارها سنة ست فاستمدوا طغركين صاحب دمشق فأمدهم بعسكر ومال مع وال من قبله اسمه مسعود فجاء إليها ولم يغير دعوة العلوية بها في خطبة ولا سكة وكتب إلى الأفضل بذلك وسأله تردد الأسطول إليه بالمدد فأجابه وشكره ثم قتل الأفضل وجاء الأسطول إليها من مصر على عادته وقد أمر مقدمه أن يعمل الحيلة في القبض على مسعود الوالي بصور من قبل طغركين لشكوى أهل مصر منه فقبض عليه مقدم الأسطول وحمله إلى مصر وبعثوا به إلى دمشق وأقام الوالي من قبل أهل مصر في مدينة صور وكتب إلى طغركين بالعذر عن القبض على مسعود واليه وكان ذلك سنة ستة عشر ولما بلغ الإفرنج انصراف مسعود عن صور قوى طمعهم فيها وتجهزوا لحصارها وبعث الوالي الأمير بذلك وبعجزه عن مقاومة حصارهم لها وسار طغركين إلى بانياس ليكون قريبا من صريخها وبعث إلى أهل مصر يستنجدهم فراسل الإفرنج في تسليم البلد وخروج من فيها فدخلها الإفرنج آخر جمادى الأولى من السنة بعدان حمل أهلها ما أطاقوا وتركوا ما عجزوا عنه والله سبحانه وتعالى أعلم * (فتح البرسقي كفرطاب وانهزامه من الإفرنج) * ثم جمع البرسقي عساكره وسار سنة تسعة عشر إلى كفرطاب وحاصرها فملكها من الإفرنج ثم سار إلى قلعة غزر شمالي حلب وبها جوسكين فحاصرها واجتمع الإفرنج وساروا لمدافعته فلقيهم وقاتلهم شديدا فمحص الله المسلمين وانهزموا وفتك النصارى فيهم ولحق البرسقي بحلب فاستخلف بها ابنه مسعودا وعبر الفرات إلى الموصل ليستمد العساكر ويعود لغزوهم فقضى الله بمقتله وولى ابنه عز الدين بعده قليلا ثم مات سنة احدى وعشرين وولى السلطان محمود عماد الدين زنكى بن أقسنقر مكانه على الموصل والجزيرة وديار بكر كما مر في أخبار دولة السلجوقية ثم استولى منها على الشأم وأورث ملكها بنيه فكانت لهم دولة عظيمة بهذه الاعمال نذكرها ان شاء الله تعالى ونشأت عن دولتهم دولة بنى أيوب وتفرعت منها كما نذكره ونحن الآن نترك من أخبار الإفرنج هنا جميع ما يتعلق بدولة بنى زنكى وبنى أيوب حتى نوردها في أخبار تينك الدولتين لئلا
(١٩٩)