يحتاج الملك لمثلهم فندم على من قتل منهم وأطلق من بقي من المحبوسين بعد خمس من السنين وسرحهم إلى الشأم يستخدمون عند الأمراء وكان فيمن أطلق الجماعة بحبس الكرك وهم برقوق العثماني وبركة الجوباني وطنبقا الجوباني وجركس الخليلي ونعنع فأطلقوا إلى الشأم ودعا منجك صاحب الشأم كبراءهم إلى تعليم المماليك ثقافة الرمح أو كانوا بصراء بها فأقاموا عنده مدة أخبرني بذلك الطنبقا الجوباني أيام اتصالي به قال وأقمنا عند منجك إلى أن استدعاه السلطان الأشرف وكتب إليه الجائي اليوسفي بمثل ذلك فاضطرب في أيهما يجيبه فيها ثم أراد أن يخرج من العهدة فرد الامر الينا فأبينا الا امتثال أمره فتحير ثم اهتدى إلى أن يبعث إلى الجائي اليوسفي ودس إلى قرطاي كافل الأمير على ابن السلطان وكان صديقه بطلبنا من الجائي بخدمة ولى العهد وصانع الجهتين بذلك قال وصرنا إلى ولى العهد فعرضنا على السلطان أبيه واختصنا عنده بتعليم الثقافة لمماليكه إلى أن دعانا السلطان يوم واقعة الجائي وهو جالس بالإصطبل فندبنا لحربه وذكرنا حقوقه وأزاح عللنا بالجياد والأسلحة فجلبنا في قتله إلى أن انهزم وما زال السلطان بعدها يرعى لنا ذلك ويقدمنا انتهى خبر الجوباني وكان طشتمر الدوادار قد لطف محله عند الأشرف وخلاله وجهه وكان هواه في اجتماع مماليك بيبقا في الدولة يستكثر بهم فيما يومله من الاستبداد على السلطان فكان يشير في كل وقت على الأشرف باستقدامهم من كل ناحية واجتماعهم عصابة للدولة يخادع بذلك عن قصده وكان محمد بن اسقلاص أستاذ دار يساميه في الدولة ويزاحمه في مخالصة الأشرف ولطف المحل عنده ينهى السلطان عن ذلك ويحذره مغبة اجتماعهم فغص طشتمر بذلك وكان عند السلطان مماليك دونه من مماليكه الخاصكية شبابا قد اصطفاهم وهذبهم وخالصهم بالمحبة والصهر ورشحهم للمراتب وولى بعضهم وكان الأكابر من أهل الدولة يفضون إليهم بحاجاتهم ويتوسلون بمساعيهم فصرف طشتمر إليهم وجه السعاية وغشى مجالسهم وأغراهم بابن اسقلاص وانه يصد السلطان أكثر الأوقات عن أغراضهم منه ويبعد أبواب الانعام والصلات منه وصدق ذلك عندهم كثرة حاجاتهم في وظيفته وتقرر الكثير منها عليهم عنده فوغرت صدورهم منه وأغروا به السلطان باطباق اغراء طشتمر ظاهرا حتى تمت عليهم نكبته وجمعت الكلمة وقبض عليه منتصف جمادى سنة سبع وثمانين ونفاه إلى القدس فخلا لطشتمر وجه السلطان وانفرد بالتدبير واجتمع المماليك البيبقاوية من كل ناحية حتى كثروا أهل الدولة وعمروا مراتبها ووظائفها واختاروها من جوانبها إلى أن كان ما نذكره ان شاء الله تعالى والله أعلم
(٤٦٢)