الجياد بالمراكب النقيلة وتقدم للأمراء أن يتحفوه بهداياهم فتناغوا في ذلك وجاؤا من وراء الغاية وحضر في ركابه من أمراء الشأم الطنبقا الأشرفي وحسن الكشكي فأكرمهما السلطان واستقر كمشيقا بمصر في أعلى مراتب الدولة إلى أن توفى انيال الأتابك في جمادى أربع وتسعين فولاه السلطان مكانه كما عاهده عليه بشقحب وجعل إليه نظر المارستان على عادة الأتابكية واستمر على ذلك لهذا العهد والله سبحانه وتعالى أعلم بغيبه * (استقدام ايتمش) * كان ايتمش النجاشي أتابك الدولة قد نكبه السلطان وسار في العساكر إلى الشأم منتصف ربيع احدى وتسعين لقتال الناصري وأصحابه لما انتقض عليه وكانت الواقعة بينهم بالمرج من نواحي دمشق وانهزمت العساكر ونجا ايتمش إلى قلعة دمشق ومعه كتب السلطان في دخولها متى اضطر إليه فامتنع بها وملكها الناصري من الغد بطاعة نائبها ابن الحمصي فوكل بايتمش وأقام حبيسا موسعا عليه ثم سار الناصري إلى مصر وملكها وعاد السلطان إلى كرسيه في صفر سنة ثنتين وتسعين كما فصل ذلك من قبل وايتمش في أثناء ذلك كله محبوس بالقلعة ثم زحف الجوباني في جمادى الأخيرة وخلص ايتمش من اعتقاله وفتق مماليك السلطان السجن الذي كانوا فيه بقلعة دمشق وخرجوا واعصوصبوا على ايتمش قبل مجئ الجوباني وبعث إليه بالخبر وبعث الجوباني إلى السلطان بمثل ذلك فتقدم إليه السلطان بالمقام بالقلعة حتى يفرغ من أمر عدوه ثم كان بعد ذلك واقعة الجوباني مع منطاش والعرب ومقتله وولاية الناصري على دمشق مكانه ثم افترق العرب وفارقهم منطاش إلى التركمان وانتظمت ممالك الشأم في ملكة السلطان واستوسق ملكه واستفحلت دولته فاستدعى الأمير ايتمش من قلعة دمشق وسار لاستدعائه قنوباي من مماليك السلطان ثامن ربيع الأول سنة ثلاث وتسعين ووصل إلى مصر رابع جمادى الأولى من السنة ووصل في ركابه حاجب الحجاب بدمشق ومعه الأمراء الذين حبسوا بالشأم منهم جنتمر نائب دمشق وابنه وابن أخته وأستاذ داره طنبقا ودمرداش اليوسفي نائب طرابلس والطنبقا الحلي والقاضي أحمد بن القريشي وفتح الدين بن الرشيد وكاتب السر في ست وثلاثين نفرا من الأمراء وغيرهم ولما وصل ايتمش قابله السلطان بالتكرمة والرحب وعرض الحاجب المساجين الذي معه ووبخ السلطان بعضهم ثم حبسوا بالقلعة حتى نفذ فيهم قضاء الله وقتلوا مع غيرهم ممن أوجبت السياسة قتلهم والله تعالى مالك الأمور لا رب سواه انتهى
(٥٠٠)