فغنم ورجع واتبعهم ابن جنكزخان فكانت بينهم واقعة عظيمة هلك فيها كثير من الفريقين ولجأ خوارزم شاه إلى جيحون فأقام عليه ينتظر شأن التتر ثم عاجله جنكزخان فأجفل وتركها وفرق عساكره في مدن ما وراء النهر انزار وبخاري وسمرقند وترمذ وجند وأنزل آبنايخ من كبراء أمرائه وحجاب دولته في بخارى وجاء جنكزخان إلى انزار فحاصرها وملكها غلابا وأسر أميرها نيال خان الذي قتل التجار وأذاب الفضة في أذنيه وعينيه ثم حاصر بخارى وملكها على الأمان وقاتلوا مع القلعة حتى ملكوها ثم عذر بهم وقتلهم وسلبهم وخربها ورحل جنكزخان إلى سمرقند ففعلوا فيها مثل ذلك سنة تسع عشرة وستمائة ثم كتب كتبا على لسان الأمراء قرابة أم السلطان يستدعون جنكزخان ويعدها بزيادة خراسان إلى خوارزم وبعث من يستخلفه على ذلك وبعث الكتب مع من يتعرض بها للسلطان فلما قرأها ارتاب بأمه وبقرابتها * (اجفال السلطان خوارزم شاه إلى خراسان ثم إلى طبرستان ومهلكه) * ولما بلغ السلطان استيلاء جنكزخان على انزار وبخاري وسمرقند وجاءه نائب بخارى ناجيا في الفل أجفل حينئذ وعبر جيحون ورجع عنه طوائف الخطأ الذين كانوا معه وعلاء الدين صاحب قيدر وتخاذل الناس وسرح جنكزخان العساكر في أثره نحوا من عشرين ألفا يسميهم التتر المغربة لسيرهم نحو غرب خراسان فتوغلوا في البلاد وانتهوا إلى بلاد بيجور واكتسحوا كل ما مروا عليه ووصل السلطان إلى نيسابور فلم يثبت بها ودخل إلى ناحية العراق بعد أن أودع أمواله قال المنشى في كتابه حدثني الأمير تاج الدين البسطامي قال لما انتهى خوارزم شاه في مسيره إلى العراق استحضرني وبين يديه عشرة صناديق مملوءة لآلئ لا تعرف قيمتها وقال في اثنين منها فيهما من الجواهر ما يساوى خراج الأرض بأسرها وأمرني بحملها إلى قلعة اردهز من أحصن قلاع الأرض وأخذت خط يد الموالى بوصولها ثم أخذها التتر بعد ذلك حين ملكوا العراق انتهى ولما ارتحل خوارزم شاه من نيسابور قصد مازندان والتتر في أثره ثم انتهى إلى أعمال همذان فكبسوه هناك ونجا إلى بلاد الجبل وقتل وزيره عماد الملك محمد بن وأقام هو بساحل البحر بقرية عند الفريضة يصلى ويقرأ ويعاهد الله على حسن السيرة ثم كبسه التتر أخرى فركب البحر وخاضوا في أثره فغلبهم الماء ورجعوا ووصلوا إلى جزيرة في بحر طبرستان فأقام بها وطرقه المرض فكان جماعة من أهل مازندان يمرضونه ويحمل إليه كثيرا من حاجته فيوقع لحاملها بالولايات والاقطاع وأمضى ابنه جلال الدين بعد ذلك جميعها ثم هلك سنة سبع عشرة وستمائة ودفن بتلك الجزيرة لاحدى وعشرين سنة من ملكه بعد أن عهد لابنه جلال الدين منكبرس وخلع ابنه الأصغر
(١١٢)