كان صلاح الدين بن أيوب قد أقطعها يوم فتحها وهي سنة أربع وثمانين وخمسمائة لناصر الدين منكبرس فلم تزل بيده إلى أن هلك وولى فيها بعده ابنه مظفر الدين عثمان وبعده ابنه سيف الدين بن عثمان واستبد الترك بمصر وبعث سيف الدين أخاه عماد الدين سنة ستين بالهدايا إلى الملك الظاهر بيبرس فقبلها وأحسن إليه ثم مات سيف الدين سنة تسع وستين وكان أوصى أولاده بالنزول للظاهر عن صهيون فوفد ابناه سابق الدين وفخر الدين على السلطان بمصر فأكرمهما وأقطعهما وولى سابق الدين منهما أميرا وولى على صهيون من قبله ولم يزل كذلك إلى أن غلب عليها سنقر الأشقر عندما انتقض بدمشق أيام المنصور والله تعالى أعلم * (نهوض الظاهر إلى الحج) * ثم بلغ الظاهر أن أبا نمى بن أبي سعد بن قتادة غلب عمه إدريس بن قتادة على مكة واستبد بها وخطب للظاهر فكتب له بالامارة على مكة واعتزم على النهوض إلى الحج وتجهز لذلك سنة سبع وستين وأزاح علل أصحابه وشيع العساكر مع أقسنقر الفارقاني أستاذ داره إلى دمشق وسار إلى الكرك موريا بالصيد وانتهى إلى الشوبك ورحل منه لاحدى عشرة ليلة من ذي القعدة ومر بالمدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم فأحرم من ميقاتها وقدم مكة لخمس من ذي الحجة وغسل الكعبة بيده وحمل لها الماء على كتفه وأباح للمسلمين دخولها وأقام على بابها يأخذ بأيديهم ثم قضى حجه ومناسكه وولى نائبا على مكة شمس الدين مروان وأحسن إلى الأمير أبى نمى والى صاحب ينبع وخليص وسائر شرفاء الحجاز وكتب إلى صاحب اليمن وقد وصلتها في سبع عشرة خطوة ثم فصل من مكة ثالث عشر ذي الحجة فوصل المدينة على سبعة أيام ووصل إلى الكرك منسلخ السنة ثم وصل دمشق غرة ثمان وستين وسار إلى زيارة القدس وقدم العساكر مع الأمير أقسنقر إلى مصر وعاد من الزيارة فأدركهم بتل العجول ووصل القلعة ثالث صفر من السنة والله تعالى أعلم * (إغارة الإفرنج والتتر على حلب ونهوض السلطان إليهم) * كان صمغان من أمراء التتر مقيما ببلاد الروم وأميرا عليها فوقعت المراسلة بينه وبين الإفرنج في الإغارة على بلاد الشأم وجاء صمغان في عسكره لموعدهم فأغار على أحياء العرب بنواحي حلب وبلغ الخبر إلى الظاهر سنة ثمان وستين وهو يتصيد بنواحي الإسكندرية فنهض من وقته إلى غزة ثم إلى دمشق ورجع التتر على أعقابهم ثم سار إلى
(٣٨٩)