من أعظم أمرائه وخواصه ويقال انه سمه وهو من مماليك بيبرس الجاشنكير وانتقل إلى الناصر فجعله أمير السقاة وعظمت منزلته عنده ولطفت خلته حتى كانا لا يفترقان اما في بيت السلطان واما في بيته وكان حسن السياسة في الغاية وخلف بعد وفاته من الأموال والجواهر والذخائر ما يفوت الحصر والله تعالى ولى التوفيق بمنه وكرمه * (أخبار النوبة واسلامهم) * قد تقدم لنا غزو الترك إلى النوبة أيام الظاهر بيبرس والمنصور قلاون لما كان عليهم من الجزية التي فرضها عمرو بن العاصي عليهم وقررها الملوك بعد ذلك وربما كانوا يماطلون بها أو يمتنعون من أدائها فتغزوهم عساكر المسلمين من مصر حتى يستقيموا وكان ملكهم بدنقلة أيام سارت العساكر من عند قلاون إليها سنة ثمانين وستمائة واسمه سمامون ثم كان ملكهم لهذا العهد اسمه آي لا أدرى أكان معاقبا لسمامون أو توسط بينهما متوسط وتوفى آي سنة ست عشرة وسبعمائة وملك بعده في دنقلة أخوه كربيس ثم نزع من بيت ملوكهم رجل إلى مصر اسمه نشلى وأسلم فحسن اسلامه وأجرى له رزقا وأقام عنده فلما كانت سنة ست عشرة امتنع كربيس من أداء الجزية فجهز السلطان إليه العساكر وبعث معها عبد الله نشلى المهاجر إلى الاسلام من بيت ملكهم فخام كربيس عن لقائهم وفر إلى بلد الأبواب ورجعت العساكر إلى مصر واستقر نشلى في ملك النوبة على حاله من الاسلام وبعث السلطان إلى ملك الأبواب في كربيس فبعث به إليه وأقام بباب السلطان ثم إن أهل النوبة اجتمعوا على نشلى وقتلوه بممالاة جماعة من العرب سنة تسع وبعثوا عن كربيس ببلد الأبواب فألفوه بمصر وبلغ الخبر إلى السلطان فبعثه إلى النوبة فملكها وانقطعت الجزية باسلامهم ثم انتشرت أحياء العرب من جهينة في بلادهم واستوطنوها وملكوها وملؤها عينا وفسادا وذهب ملوك النوبة إلى مدافعتهم فعجزوا ثم ساروا إلى مصانعتهم بالصهر فافترق ملكهم وصار لبعض أبناء جهينة من أمهاتهم على عادة الأعاجم في تمليك الأخت وابن الأخت فتمزق ملكهم واستولى اعراب جهينة على بلادهم وليس في طريقه شئ من السياسة الملوكية للآفة التي تمنع من انقياد بعضهم إلى بعض فصاروا شيعا لهذا العهد ولم يبق لبلادهم رسم للملك وانما هم الآن رجالة بادية يتبعون مواقع القطر شأن بوادي الاعراب ولم يبق في بلادهم رسم للملك لما أحالته صبغة البداوة العربية من صبغتهم بالخلطة والالتحام والله غالب على أمره والله تعالى ينصر من يشاء من عباده * (بقية أخبار الأرمن إلى فتح اياس ثم فتح سيس وانقراض أمرهم) *
(٤٢٩)