وسواحله وكاتبوا أهل ملتهم ونسبهم بصقلية وافرنسة يستنجدونهم على مصر ليملكوها وبعثوا الأقسة والرهبان من بيت المقدس يستنفرونهم لحمايتها وواعدوهم بدمياط طمعا في أن يملكوها ويتخذوها ركابا للاستيلاء على مصر فاجتمعوا عليها وحاصروها لأول أيام صلاح الدين وأمدهم صلاح الدين بالعساكر والأموال وجاء بنفسه وبعث إلى نور الدين يستنجده ويخوفه على مصر فتابع إليه الامداد وسار بنفسه إلى بلاد الإفرنج بالشأم واكتسحها وخربها فعاد الفرنج إلى دمياط بعد حصار خمسين يوما نفس الله عليهم ومن هذه القصة بقية أخبار الإفرنج متعلقة بالدولتين دولة بنى زنكى بالشأم ودولة بنى أيوب بمصر فأخرت بقية أخبارهم إلى أن نسردها في الدولتين على مواقعها في مواضعها حسبما تراه ولم يبق الا استيلاؤهم على القسطنطينية من يد الروم فأوردناه ههنا * (استيلاء الإفرنج على القسطنطينية) * كان هؤلاء الإفرنج بعدما ملكوه من بلاد الشأم اختلفت أحوالهم في الفتنة والمهادنة مع الروم بالقسطنطينية لاستيلائهم على الثغور من بلاد المسلمين التي تجاور الروم التي كانت بأيديهم من قبل وظاهرهم الروم على المسلمين في بعض المرات ثم غلبوا عليهم آخرا وملكوا القسطنطينية من أيديهم فأقامت في أيديهم مدة ثم ارتجعها الروم على يد شكري من بطارقتهم وكيفية الخبر عن ذلك أن ملوك الروم أصهروا إلى ملوك الإفرنج وتزوجوا منهم بنتا لملك الروم فولدت ذكرا خاله الافرنسيس وثب عليه أخوه فانتزع الملك من يده وحبسه ولحق الولد بملك الإفرنج خاله مستصرخا به فوصل إليه وقد تجهز الإفرنج لاستنقاذ القدس من يد المسلمين وكان صلاح الدين قد ارتجعها منهم كما يأتي في أخباره ان شاء الله تعالى وانتدب لذلك ثلاثة من ملوكهم دموس البنادقة وهو صاحب الأسطول الذي ركبوا فيه وكان شيخا أعمى لا يركب ولا يمشي الا بقائد ومقدم الفرنسيس ويسمى المركيش والثالث يسمى كبداقليد وهو أكثرهم عددا فجعل الملك ابن أخته معهم وأوصاهم بمظاهرته على ملكه بالقسطنطينية ووصلوا إليها في ذي القعدة سنة تسع وتسعين وخمسمائة فخرج عم الصبى وقاتلهم وأضرم شيعة الصبى النار في نواحي البلاد فاضطرب العسكر ورجعوا وفتح شيعة الصبى باب المدينة وأدخلوا الإفرنج وخرج عمه هاربا ونصب الإفرنج الصبى في الملك وأطلقوا أباه من السجن واستبدوا بالحكم وصادروا الناس وأخذوا مال البيع وما على الصلبان من الذهب وما على تماثيل المسيح والحواريين وما على الإنجيل فعظم ذلك على الروم ووثبوا بالصبى فقتلوه وأخرجوا الإفرنج من البلد وذلك منتصف سنة ستمائة وأقام الإفرنج
(٢٠٩)