ابن معين الذي كان أبوه كامل بن طغركين بدمشق وصارت سنجار من سائر البلاد التي ملكها من الجزيرة وسار صلاح الدين إلى نصيبين فشكا إليه أهلها من أبى الهيجاء السمين فعزله عنهم واستصحبه معه وسار إلى حران في ذي القعدة من سنة ثمان وسبعين وفرق عساكره ليستريحوا وأقام في خواصه وكبار أصحابه والله أعلم * (مسير شاهرين صاحب خلاط لنجدة صاحب الموصل) * كان عز الدين قد أرسل إلى شاهرين يستنجده على صلاح الدين فبعث إليه عدة رسل شافعا في أمره فلم يشفعه وغالطه فبعث إليه مولاه آخرا سيف الدين بكتمر وهو على سنجار يسأله في الافراج عنها فلم يجبه إلى ذلك وسوفه رجاء أن يفتحها فأبلغه بكتمر الوعيد عن مولاه وفارقه مغاضبا ولم يقبل صلته وأغراه بصلاح الدين فسار شاهرين من مخيمه بظاهر خلاط إلى ماردين وصاحبها يومئذ ابن أخته وابن خال عز الدين وصهره على بنته وهو قطب الدين بن نجم الدين وسار إليهم أتابك عز الدين صاحب الموصل وكان صلاح الدين في حران منصرفه من سنجار وفرق عساكره فلما سمع باجتماعهم استدعى تقى الدين ابن أخيه شاهنشاه من حماة ورحل إلى رأس عين فافترق القوم وعاد كل إلى بلده وقصد صلاح الدين ماردين فأقام عليها عدة أيام ورجع والله تعالى ولى التوفيق بمنه وكرمه * (واقعة الإفرنج في بحر السويس) * كان البرنس ارناط صاحب الكرك قد أنشأ أسطولا مفصلا وحمل أجزاء إلى صاحب إيلة وركبه على ما تقتضيه صناعة النشابة وقذفه في السويس وشحنه بالمقاتلة وأقلعوا في البحر ففرقة أقاموا على حصن إيلة يحاصرونه وفرقة ساروا نحو عيذاب وأغاروا على سواحل الحجاز وأخذوا ما وجدوا بها من مراكب التجار وطرق الناس منهم بلية لم يعرفوها لأنه لم يعهد ببحر السويس إفرنجي محارب ولا تاجر وكان بمصر الملك العادل أبو بكر بن أيوب نائبا عن أخيه صلاح الدين فعمر أسطولا وشحنه بالمقاتلة وسار به حسام الدين لؤلؤ الحاجب قائد الأساطيل بديار مصر فبدأ بأسطول الإفرنج الذي يحاصر إيلة فمزقهم كل ممزق وبعد الظفر بهم اقلع في طلب الآخرين وانتهى إلى عيذاب فلم يجدهم فرجع إلى رابغ وأدركهم بساحل الحوراء وكانوا عازمين على طروق الحرمين واليمن والإغارة على الحاج فلما أظل عليهم لؤلؤ بالأسطول أيقنوا بالتغلب وتراموا على الحوراء وأسنموا إليها واعتصموا بشعابها ونزل لؤلؤ من مراكبه وجمع خيل الاعراب هنالك وقاتلهم فظفر بهم وقتل أكثرهم وأسر الباقين فأرسل بعضهم
(٢٩٩)