فقدم عليه هنالك أبو الغازي ابن ارتق في عساكره وخدمه وكثرة جموعه فسار إلى بغداد وبركيارق عليل بها فاصطرب أصحابه وعبروا به إلى الجانب الغربي ووصل محمد إلى بغداد آخر سنة أربع وتسعين وتراءى الجمعان بشاطئ دجلة وجرت بينهم المراماة والنشاب وكان عسكر محمد ينادون عسكر بركيارق يا باطنية ثم سار بركيارق إلى واسط ونهب عسكره جميع ما مروا عليه ودخل محمد إلى دار المملكة ببغداد وجاءه توقيع المستظهر بالاستبشار بقدومه وخطب له ونزل الملك سنجر بدار كوهراس ووفد على السلطان محمد ببغداد صدقة صاحب الحلة في محرم سنة خمس وسبعين * (مقتل بركيارق الباطنية) * كان هؤلاء الباطنية قد ظهروا بالعراق وفارس وخراسان وهم القرامطة والدعوة بعينها دعوتهم الا أنهم سموا في هذه الأجيال بالباطنية والإسماعيلية والملاحدة والفداوية وكل اسم منها باعتبار فالباطنية لأنهم يبطنون دعوتهم والإسماعيلية لانتساب دعوتهم في أصلها لإسماعيل الامام بن جعفر الصادق والملاحدة لان بدعتهم كلها الحاد والفداوية لأنهم يفادون أنفسهم بالمال على قتل من يسلطون والقرامطة نسبة إلى قرمط منشئ دعوتهم وكان أصلهم من البحرين في المائة الثالثة وما بعدها ثم نشأ هؤلاء بالمشرق أيام ملك شاه فأول ما ظهروا بأصبهان واشتد في حصار بركيارق وأخيه محمود وأمه خاتون فيها ثم ثارت عامة اصبهان بهم بإشارة القضاة وأهل الفتيا فقتلوهم في كل جهة وحرقوهم بالنار ثم انتشروا واستولوا على القلاع ببلاد العجم كما تقدم في أخبارهم ثم أخذ بمذهبهم ثيران شاه بن بدران شاه بن قارت بك صاحب كرمان حمله عليه كاتب من أهل خوزستان يسمى أبا زرعة وكان بكرمان فقيه من الحنفية يسمى أحمد بن الحسين البلخي مطاع في الناس فخشى من نكيره فقتله فهرب عنه صاحب جيشه وكان شحنة البلد ولحق بالسلطان محمد ومؤيد الملك بأصبهان وثار الجنا بعده بثيران شاه إلى مدينة كرمان فمنعه أهلها ونهبوه فقصد قلعة سهدم واستجار بصاحبها محمد بهستون وبعث أرسلان شاة عساكر لحصارها فطرده بهستون وبعث مقدم العساكر في طلبه فجئ به أسيرا وبأبي زرعة الكاتب معه فقتلهما أرسلان شاه واستولى على بلاد كرمان وكان بركيارق كثيرا ما يسلطهم على من يريد قتله من الأمراء مثل انز شحنة اصبهان وأرغش وغيرهم فامنوا جانبه وانتشروا في عسكره وأغروا الناس ببدعتهم وتجاوزوا إلى التهديد عليها حتى خافهم أعيان العسكر وصار بركيارق يصرفهم على أعدائه والناس يتهمونه بالميل إليهم فاجتمع أهل الدولة وعذلوا بركيارق في ذلك فقبل نصيحتهم وأمر بقتل الباطنية حيث كانوا فقتلوا وشردوا كل مشرد
(٢٦)