[الخبر عن دولة بنى زنكى بن أقسنقر من موالي السلجوقية بالجزيرة والشأم ومبادي أمورهم وتصاريف أحوالهم] قد تقدم لنا ذكر أقسنقر مولى السلطان ملك شاه وأنه كان يلقب قسيم الدولة وأن السلطان ملك شاه لما بعث الوزير فخر الدولة بن جهير سنة سبع وسبعين وأربعمائة بفتح ديار بكر من يد ابن مروان واستنجد ابن مروان صاحب الموصل شرف الدولة مسلم بن عقيل وهزمته العساكر وانحصر بآمد فبعث السلطان عميد الدولة بن فخر الدولة بن جهير ليخالف شرف الدولة إلى السلطان فلقيه في الرحبة وأهدى له فرضى عنه ورده إلى بلده الموصل واستولى بنو جهير بعد ذلك على ديار بكر كما مر في موضعه من دولة بنى مروان ثم كان بعد ذلك شان حلب واستبد بها أهلها بعد انقراض دولة بنى صالح بن مرداس الكلابي وطمع فيها شرف الدولة مسلم بن قريش وسليمان بن قطلمش صاحب بلاد الروم وتتش ابن السلطان البارسلان وقتل سليمان بن قطلمش مسلم ابن قريش ثم قتل تتش سليمان بن قطلمش وجاء إلى حلب فملكها وامتنعت عليه القلعة فحاصرها وقد كانوا بعثوا إلى السلطان ملك شاه واستدعوه لملكها فوصل إليهم سنة تسع وسبعين ورحل تتش عن القلعة ودخل البرية واستولى السلطان على حلب وولى عليها قسيم الدولة أقسنقر وعاد إلى العراق فعمرها أقسنقر وأحسن السيرة فيها وسار معه تتش حين عهد له أخوه السلطان ملك شاه بفتح بلاد العلوية بمصر والشأم ففتح الكثير منها وهو معه كما مر وزحف قبل ذلك سنة ثمانين إلى بنى منقذ بشيرز فحاصره وضيق عليه ثم رجع عنه صلح وأقام بحلب ولم يزل واليا عليها إلى أن هلك السلطان سنة خمس وثمانين واختلف ولده من بعده وكان أخوه تتش قد استولى على الشأم منذ سنة احدى وسبعين فلما هلك أخوه طمع في ملك السلجوقية من بعده فجمع العساكر وسار لاقتضاء الطاعة من الأمراء معه بالشأم وقصد حلب فأطاعه قسيم الدولة أقسنقر وحمل باغيسيان صاحب أنطاكية وتيران صاحب الرها وحران على طاعته حتى يظهر مآل الامر في ولد سيدهم ملك شاه وساروا مع تتش إلى الرحبة فملكها وخطب لنفسه فيها ثم إلى نصيبين ففتحها عنوة ثم إلى الموصل فهزم صاحبها إبراهيم بن قريش بن بدران وتولى كبر هزيمته أقسنقر وقتل قريش بن إبراهيم وملك الموصل من يده وولى تتش عليها ابن عمته علي بن مسلم بن قريش وسار إلى ديار بكر فملكها ثم إلى آذربيجان وكان بركيارق ابن ملك شاه قد استولى على الري وهمذان وكثير من البلاد فسار لمدافعته وجنح قسيم الدولة أقسنقر وبوزان صاحب الرها إلى بركيارق ابن سيدهم فلحقوا به وتركوا تتش فانقلب عائدا إلى الشأم ساخطا على أقسنقر وبوزان ما فعلوه فجمع العساكر
(٢٢١)