[الخبر عن دولة الترك القائمين بالدولة العباسية بمصر والشام من بعد بنى أيوب ولهذا العهد ومبادي أمورهم وتصاريف أحوالهم] قد تقدم لنا ذكر الترك وأنسابهم أول الكتاب عند ذكر أمم العالم ثم في أخبار الأمم السلجوقية وانهم من ولد يافث بن نوح باتفاق من أهل الخليفة فعند نسابة العرب انهم من عامور بن سويل بن يافث وعند نسابة الروم انهم من طيراش بن يافث هكذا وقع في التوراة والظاهر أن ما وقع لنسابة العرب غلط وان عامور هو مصحف كومر لان كافة تنقلب عند التعريب غينا معجمة فربما صحفت عينا مهملة أو بقيت بحالها وأما سويل فغلط بالزيادة وأما ما وقع للروم من نسبتهم إلى طيراش فهو منقول في الإسرائيليات وهو رأى مرجوح عندهم لمخالفته لما في التوراة وأما شعوبهم وأجناسهم فكثيرة وقد عددنا منهم أول الكتاب التغر غزوهم التتر والخطأ وكانوا بأرض طمغاج وهي بلاد ملوكهم في الاسلام تركستان وكاشغر وعددنا منهم أيضا الخزلخية والغز الذين كان منهم السلجوقية والهياطلة الذين منهم الخلج وبلادهم الصغد قريبا من سمرقند ويسمون بها أيضا وعددنا منهم أيضا الغور والخزر والقفجاق ويقال الخفشاخ ويمك والعلان ويقال اللان وشركس واركش وقال صاحب كتاب زجار في الكلام على الجغرافيا أجناس من الترك كلهم وراء النهر إلى البحر المظلم وهي العسسية والتغرغزية والخرخيرية والكيماكية والخزلخية والخزر والحاسان وتركش واركش وخفشاخ والخلخ والغزية وبلغار وخبحاكت ويمناك وبرطاس وسنجرت وخرجان وأنكر وذكر في موضع آخر أنكر من شعوب الترك وانهم في بلاد البنادقة من أرض الروم وأما مواطنهم فإنهم ملكوا الجانب الشمالي من المعمور في النصف الشرقي منه قبالة الهند والعراق في ثلاثة أقاليم هي السادس والسابع والخامس كما ملك العرب الجانب الجنوبي من المعمور أيضا في جزيرة العرب وما إليها من أطراف الشام والعراق وهم رحالة مثلهم وأهل حرب وافتراس ومعاش من التغلب والنهب الا في الأقل وقد ذكرنا انهم عند الفتح لم يذعنوا الا بعد طول حرب وممارسة أيام سائر دولة بنى أمية وصدرا من صولة بنى العباس وامتلأت أيدي العرب يومئذ من سبيهم فاتخذوهم خولا في المهن والصنائع ونساءهم فرشا للولادة كما فعلوه في سبى الفرس والروم وسائر الأمم الذين قاتلوهم على الدين وكان شأنهم أن لا يستعينوا برقيقهم في شئ مما يعانونه من الغزو والفتوح ومحاربة الأمم ومن أسلم منهم تركوه لسبيله التي هو عليها من أمر معاشه على طاغية هواه لان عصبية العرب كانت
(٣٦٩)