وبلاد الروم وأن يعادله ما كان لأبيه زنكى من الاقطاع بالعراق وهي صريفين ودرب هارون وأن يسوغ قطعة أرض على شاطئ دجلة بظاهر الموصل يبنى فيها مدرسة للشافعية فأسعف بذلك كله * (وفاة نور الدين محمود وولاية ابنه إسماعيل الصالح) * ثم توفى نور الدين محمود بن الأتابك زنكى حادي عشر شوال سنة تسع وستين وخمسمائة لسبع عشرة سنة من ولايته وكان قد شرع في التجهز لاخذ مصر من صلاح الدين ابن أيوب واستنفر سيف الدين ابن أخيه في العساكر موريا بغزو الإفرنج وكان قد اتسع ملكه وخطب له بالحرمين الشريفين وباليمن لما ملكها سيف الدولة بن أيوب وكان معتنيا بمصالح المسلمين مواظبا على الصلاة والجهاد وكان عارفا بمذهب أبي حنيفة ومتحريا للعدل ومتجافيا عن أخذ المكوس في جميع أعماله وهو الذي حصن قلاع الشأم وبنى الأسوار على مدنها مثل دمشق وحمص وحماة وشيزر وبعلبك وحلب وبنى مدارس كثيرة للحنفية والشافعية وبنى الجامع النوري بالموصل والمارستانات والخانات في الطريق والخوانق للصوفية في البلاد واستكثر من الأوقاف عليها يقال بلغ ريع أوقافه في كل شهر تسعة آلاف دينار صوري وكان يكرم العلماء وأهل الدين ويعظمهم ويتمثل لهم قائما ويؤنسهم في المجالسة ولا يرد لهم قولا وكان متواضعا مهيبا وقورا ولما توفى اجتمع الأمراء والمقدمون وأهل الدولة بدمشق وبايعوا ابنه الملك الصالح إسماعيل وهو ابن احدى عشرة سنة وحلفوا له وأطاعه الناس بالشأم وصلاح الدين بمصر وخطب له هنالك وضرب السكة باسمه وقام بكفالته وتدبير دولته الأمير شمس الدين محمد بن عبد الملك بن المقدم وأشار عليه القاضي كمال الدين الشهرزوري بأن يرجعوا في جميع أمورهم إلى صلاح الدين لئلا ينبذ طاعتهم فأعرضوا عن ذلك والله تعالى ولى التوفيق * (استيلاء سيف الدين غازي على بلاد الجزيرة) * قد كنا قدمنا أن نور الدين استولى على بلاد الجزيرة وأقر سيف الدين ابن أخيه قطب الدين على الموصل واحتمل معه فخر الدين عبد المسيح الذي ولى سيف الدين واستبد عليه بأمره وولى على قلعة الموصل سعد الدين كمستكين ولما استنفرهم نور الدين بين يدي موته سار إليه سيف الدين غازي وكمستكين الخادم في العساكر وبلغهم في طريقهم خبر وفاته وكان كمستكين في المقدمة فهرب إلى حلب واستولى سيف الدين على مخلفه وسواده وعاد إلى نصيبين فملكها وبعث العساكر إلى الخابور فاستولى عليها وعلى أقطاعها ثم سار
(٢٥٣)