يؤيد بنصره من يشاء من عباده * (فتح نور الدين قلعة بانياس) * ولما افتتح نور الدين قلعة حارم أذن لعسكر الموصل وحصن كيفا بالانطلاق إلى بلادهم وعزم على منازلة بانياس وكانت بيد الإفرنج من سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة ثم ورى عنها بقصد طبرية فصرف الإفرنج همتهم إلى حمايتها وخالف هو إلى بانياس لقلة حاميتها فحاصرها وضيق عليها في ذي الحجة من سنة تسع وخمسين وكان معه أخوه نصير الدين أمير أميران فأصيب بسهم في احدى عينيه وأخذ الإفرنج في الجمع لمدافعته فلم يستكملوا أمرهم حتى فتحها وشحن قلعتها بالمقاتلة والسلاح وخافه الإفرنج فشاطروه في أعمال طبرية وضرب عليهم الجزية في الباقي ووصل الخبر بفتح حارم وبانياس إلى ملوكهم الذين ساروا إلى مصر فسبقهم بالفتح وعاد إلى دمشق ثم سار سنة احدى وستين متجردا إلى حصن المنيطرة فنازلهم على غرة وملكه عنوة ولم يجتمع الإفرنج الا وقد ملكه فافترقوا ويئسوا من ارتجاعه والله تعالى أعلم [وفادة شاور وزير العاضد بمصر على نور الدين العادل صريخا وانجاده بالعسكر مع أسد الدين شيركوه] كانت دولة العلويين بمصر قد أخذت في التلاشي وصارت إلى استبداد وزرائها على خلفائها وكان من آخر المسلمين بها شاور السعدي استعمله الصالح بن زربك على قوص وندم فلما هلك الصالح بن زربك وكان مستبدا على الدولة قام ابنه زربك مقامه فعزل شاور عن قوص فم يرض بعزله وجمع وزحف إلى القاهرة فملكها وقتل زربك واستبد على العاضد ولقبه أمير الجيوش وكانت سنة ثمان وخمسين وخمسمائة ثم نازعه الضرغام وكان صاحب الباب ومقدم البرقية فثار عليه لسبعة أشهر من وزارتا وأخرجه من القاهرة فلحق بالشأم وقصد نور الدين محمود بن زنكى مستنجدا به على أن يكون له ثلث الجباية بمصر ويقيم عسكر نور الدين بها مددا له فاختار من أمرائه لذلك أسد الدين شيركوه بن شادي الكردي وكان بحمص وجهزه بالعساكر فسار لذلك في جمادى سنة تسع وخمسين واتبعه نور الدين إلى أطراف بلاد الإفرنج فشغلهم عن التعرض للعساكر وسار أسد الدين مع شاور وسار معه صلاح الدين ابن أخيه نجم الدين أيوب وانتهوا إلى بلبيس فلقيهم ناصر الدين أخو الضرغام في عساكر مصر فانهزم ورجع إلى القاهرة واتبعه أسد الدين فقتله عند مشهد السيدة نفيسة رضى الله تعالى عنها وقتل أخوه وعاد شاور إلى وزارته وأقام أسد الدين بظاهر القاهرة ينتظر
(٢٤٦)