فقاسموهم أملاكهم التي بضاحيتها في سبيل المصانعة وبعثوا إلى بغداد يستغيثون فلم يغاثوا وجمع أبو الغازي من العساكر والمتطوعة نحوا من عشرين ألفا وسار بهم إلى الشأم سنة ثلاث عشرة ومعه أسامة بن مبارك بن منقذ الكناني وطغان أرسلان ابن اسكين بن جناح صاحب ارزن الروم ونزل الإفرنج قريبا من حصون الامارى في ثلاثة آلاف فارس وتسعة آلاف راجل ونزلوا في تل عفرين حيث كان مقتل مسلم بن قريش وتحصنوا بالجبال من كل جهة الا ثلاث مسارب فقصدهم أبو الغازي ودخل عليهم من تلك المسارب وهم غارون فركبوا وصدقوا الحملة فلقوا عساكر المسلمين متتابعة فولوا منهزمين وأخذهم السيف من كل جهة فلم يفلت الا القليل وأسر من زعمائهم سبعون فاداهم أهل حلب بثلثمائة ألف دينار وقتل سرجان صاحب أنطاكية ونجا فلهم من المعركة فاجتمع جماعة من الإفرنج وعاودوا اللقاء فهزمهم أبو الغازي وفتح حصن الاربات ورزدنا وعاد إلى حلب فأصلح أمورها وعبر الفرات إلى ماردين وولى على حلب ابنه سليمان ثم وصل دبيس بن صدقة إلى أبي الغازي مستجيرا به فكتب إليه المسترشد مع سرير الدولة عبد أبى الغازي بايعاد دبيس ثم وقع بينه وبين السلطان محمود الاتفاق ورهن ولده على الطاعة ورجع وسار أبو الغازي إلى الإفرنج عقب ذلك سنة أربع عشرة فقاتلهم بأعمال حلب وظفر بهم ثم سار هو وطغركين صاحب دمشق فحاصروا الإفرنج بالمثيرة وخشوا من استماتتهم فأفرج لهم أبو الغازي حق خرجوا من الحصن وكان لا يطيل المقام بدار الحرب لان أكثر الغزاة معه التركمان يأتون بجراب دقيق وقديد شاه فيستعجل العودان فنيت أزوادهم والله أعلم * (انتقاض سليمان بن أبي الغازي بحلب) * كان أبو الغازي قد ولى على حلب ابنه سليمان فحمله بطانته على الخلاف على أبيه وسار إليه أبوه تلقاه ابنه سليمان بالمعاذير فأمسك عنه وقبض على بطانته الذين داخلوه في ذلك وكان متولى كبرها أمير كان لقيطا لأبيه ونشأ في بيته فسمله وقطع لسانه وكان منهم آخر من أهل حماه قدمه أبو الغازي على أهل حلب فقطعه وسمله فمات وأراد قتل ابنه ثم ثنته الشفقة عليه وهرب إلى دمشق وشفع فيه طغركين فلم يشفعه ثم استخلف على حلب سليمان ابن أخيه عبد الجبار ولقبه بدر الدولة وعاد إلى ماردين وذلك سنة خمس عشرة ثم ابنه حسام الدين تمرتاش مع القاضي بهاء الدولة أبى الحسن الشهرزوري شافعا في دبيس وضامنا في طاعته فلم يتم ذلك فلما انصرف تمرتاش إلى أبيه أقطع السلطان أباه أبا الغازي مدينة ميافارقين وكانت لسقمان القطبي صاحب
(٢١٥)