بين الناصر وبين الأمراء بمصر واصطلحوا سنة خمسين وجعلوا التخم بينهم نهر الأردن ثم أطلق ايبك حسام الدين الهذباني فسار إلى دمشق وسار في خدمة الناصر وجاءت إلى الناصر شفاعة المستعصم في الناصر داود صاحب الكرك الذي حبس بحمص فافرج عنه ولحق ببغداد ومعه ابناه الأمجد والظاهر فمنعه الخليفة من دخولها فطلب وديعته فلم يسعف بها وأقام في أحياء عرية ثم رجع إلى دمشق بشفاعة من المستعصم للناصر وسكن عنده والله تعالى ينصر من يشاء من عباده * (خلع الأشرف بن أطسز واستبداد ايبك وامراء الترك بمصر) * قد تقدم لنا آنفا بيعة امراء التركمان بمصر للأشرف موسى بن يوسف أطسز بن الكامل وانهم خطبوا له وأجلسوه على التخت بعد أن نصبوا للملك ايبك وكان طموحا إلى الاستبداد وكان اقطاى الجامدار من أمراء البحرية يدافعه عن ذلك ويغض من عنانه منافسة وغيرة فأرصد له ايبك ثلاثة من المماليك اغتالوه في بعض سكك القصر وقتلوه سنة اثنتين وخمسين وكانت جماعة البحرية ملتفة عليه فانفضوا ولحقوا بالناصر في دمشق واستبد ايبك بمصر وخلع الأشرف وقطع الخطبة له فكان آخر امراء بنى أيوب بمصر وخطب ايبك لنفسه ثم تزوج شجر الدر أم خليل الملكة قبله فلما وصل البحرية إلى الناصر بدمشق أطمعوه في ملك مصر واستحثوه فتجهز وسار إلى غزة وبرز ايبك بعساكره إلى العباسية فنزل بها وانتقض عليه فتوهموا بالثورة به فارتاب بهم ولحقوا بالناصر ثم ترددت الرسل بين الناصر وايبك فاصطلحوا على أن يكون النخم بينهم العريش وبعث الناصر إلى المستعصم مع وزيره كمال الدين ابن العديم في طلب الخلعة وكان ايبك قد بعث بالهدية والطاعة إلى المستعصم فمطل المستعصم الناصر بالخلعة حتى بعثها إليه سنة خمس وخمسين ثم قتل المعز أيبك قتلته شجر الدر غيلة في الحمام سنة خمس وخمسين غيرة من خطبته بنت لؤلؤ صاحب الموصل فنصبوا مكانه ابنه عليا ولقبوه المنصور وثاروا به من شجر الدر كما نذكره في أخبارهم ان شاء الله تعالى * (مسير المغيث بن العادل صاحب الكرك مع البحرية إلى مصر وانهزامهم) * كان البحرية منذ لحقوا بالناصر بعد مقتل اقطاى الجامدار مقيمين عنده ثم ارتاب بهم وطردهم آخر سنة خمس وخمسين فلحقوا بغزة وكاتبوا المغيث فتح الدين عمر بن العادل بالكرك وقد كنا ذكرنا أن بدرا الصوافي أخرجه من محبسه بالكرك بعد مقتل تورانشاه بمصر وولاه الملك وقام بتدبير دولته وبعث إليه الآن بيبرس البندقدارى
(٣٦٣)