مكانه ابنه شمس الملوك إسماعيل فاستضعفه الإفرنج وتعرضوا لنقض الهدنة ودخل بعض تجار المسلمين إلى سروب فأخذوا أموالهم وراسلهم شمس الملوك في ردها عليهم فلم يفعلوا فتجهز وسار إلى بانياس في صفر سنة سبع وعشرين فنازلها وسدد حصارها ونقب المسلمون سورها وملكوها عنوة واستلحموا الإفرنج بها واعتصم فلهم بالقلعة حتى استأمنوا بعد يومين وكان الإفرنج قد جمعوا لمدافعة شمس الملوك فجاءهم خبر فتحها فأقصروا * (استيلاء شمس الملوك على الشقيف) * ثم سار شمس الملوك إسماعيل صاحب دمشق إلى شقيف بيروت وهو في الجبل المطل على بيروت وصيدا وكان بيد الضحاك بن جندل رئيس وادى البتم وهو ممتنع به وقد تحاماه المسلمون والإفرنج وهو يحتمى من كل منهما بالآخر فسار إليه شمس الملوك وملكه في المحرم سنة ثمان وعشرين وعظم ذلك على الإفرنج وخافوا شمس الملوك فساروا إلى بلد حوران وعاثوا في جهاتها ونهض شمس الملوك ببعض عساكره وجمر الباقي قبالة الإفرنج وقصد طبرية والناصرة وعكا فاكتسح نواحيها وجاء الخبر إلى الإفرنج فأجفلوا إلى بلادهم وعظم عليهم خرابها وراسلوا شمس الملوك في تجديد الهدنة فجددها لهم انتهى والله أعلم * (استيلاء الإفرنج على جزيرة جربة من إفريقية) * كانت جزيرة جربة من أعمال إفريقية ما بين طرابلس وقابس وكان أهلها من قبائل البربر قد استبدوا بجزيرتهم عندما دخل العرب الهلاليون إفريقية ومزقوا ملك صنهاجة بها وقارن ذلك استفحال ملك الإفرنج برومة وما إليها من البلاد الشمالية وتطاولوا إلى ملك بلاد المسلمين فسار ملكهم بردويل فيمن معه من زعمائهم وأقماصهم إلى الشأم فملكوا مدنه وحصونه كما ذكرناه آنفا وكان من ملوكهم القمص رجار ابن نيعر بن خميرة وكان كرسيه مدينة ميلكوا مقابل جزيرة صقلية ولما ضعف أمر المسلمين بها وانقرضت دولة بنى أبى الحسين الكلبي منها سمار جار هذا إلى ملكها وأغراه المتغلبون بها على بعض نواحيها فأجاز إليها عساكره في الأسطول في سبيل التضريب بينهم ثم ملكها من أيديهم معقلا معقلا إلى أن كان آخرها فتحا طرابنة ومازرعة من يد عبد الله بن الجواس أحد الثوار بها فملكها من يده صلحا سنة أربع وستين وأربعمائة وانقطعت كلمة الاسلام بها ثم مات رجار سنة أربع وتسعين فولى ابنه رجار مكانه وطالت أيامه واستفحل ملكه وذلك عندما هبت ريح الإفرنج بالشأم وجاسوا خلالها وصاروا
(٢٠١)