قنسرين وصابرهم ومحص الله المسلمين وانهزموا إلى حلب وسار ملك الإفرنج في أعمال حلب ظافرا ثم سار بعض الإفرنج من الرها للغارة في أعمال حلب فخرج إليهم الأمير أسوار ومعه حسان التغلبي الذي كان صاحب منبج فأوقعوا بهم واستلحموهم وأسروا من بقي منهم وعادوا ظافرين * (حصار المسترشد الموصل) * ولما وقع ما قدمناه من وصول زنكى إلى بغداد وانهزامه أمام المسترشد حفد عليه المسترشد ذلك وأقام يتربص ثم كثر الخلاف بين سلاطين السلجوقية واعتزلهم جماعة من أمرائهم فرارا من الفتنة ولحقوا بالخليفة وأقاموا في ظله فأراد الخليفة المسترشد أن ينتصف بهم من الأتابك زنكى فقدم إليه بهاء الدين أبا الفتوح الاسفرايني الواعظ وحمله عتابا أغلظ فيه وزاده الواعظ غلظة حفظا على ناموس الخلافة في معتقده فامتعض الأتابك لما شافهه به وأهانه وحبسه وأرسل المسترشد إلى السلطان مسعود ؟؟ على قصد الموصل وحاصرها لما وقع من زنكى ثم سار في شعبان سنة سبع وعشرين إلى الموصل في ثلاثين ألف مقاتل فلما قارب الموصل فارقها الأتابك زنكى إلى سنجار وترك نائبه بها نصر الدين جقرى وجاء المسترشد فحاصرها والأتابك زنكى قد قطع الميرة عن معسكره فتعذرت الأقوات وضاقت عليهم الأحوال وأرادت جماعة من أهل البلد الوثوب بها وسعى بهم فأخذوا وصلبوا ودام الحصار ثلاثة أشهر وامتنعت عليه فأفرج عنها وعاد إلى بغداد وقيل إن مطرا الخادم جاءه من بغداد وأخبره أن السلطان مسعودا عازم على قصد العراق فعاد مسرعا * (ارتجاع صاحب دمشق مدينة حماة) * قد كنا قدمنا أن الأتابك زنكى تغلب على حماة من يد تاج الملوك بورى بن طغركين صاحب دمشق سنة ثلاث وعشرين وأقامت في ملكه أربع سنين وتوفى تاج الملوك بورى في رحب سنة ست وعشرين وولى بعده ابنه شمس الملوك إسماعيل وملك بانياس من الإفرنج في صفر سنة سبع وعشرين ثم بلغه أن المسترشد بالله حاصر الموصل فسار هو إلى حماة وحاصرها وقاتلها يوم الفطر ويومين بعده فملكها عنوة واستأمنوا فأمنهم ثم حصر الوالي ومن معه بالقلعة فاستأمنوا أيضا واستولى على ما فيها من الذخائر والسلاح وسار منها إلى قلعة شيرز فحاصرها ابن منقذ فحمل إليه مالا صانعه به وعاد إلى دمشق في ذي الحجة من السنة
(٢٢٨)