التجار من مصر فأخذوها وأسروهم وسار جماعة من أهل حلب إلى بغداد للنفير فدخلوها مستغيثين ومعهم خلق من الفقهاء والغوغاء وقصدوا جامع السلطان يوم الجمعة فمنعوا الناس من الصلاة بضجيجهم وكسروا المنبر فوعدهم السلطان بإنفاذ العساكر للجهاد وبعث من دار الخلافة منبرا للجامع ثم قصدوا في الجمعة الثانية جامع القصر في مثل جمعهم ومنعهم صاحب الباب فدفعوا ودخلوا الجامع وكسروا شبابيك المقصورة والمنبر وبطلت الجمعة وأرسل الخليفة إلى السلطان في رفع هذا الحزن فأمر الأمراء بالتجهز للجهاد وأرسل ابنه الملك مسعودا مع الأمير مودود صاحب الموصل ليلحق به الأمراء ويسيروا جميعا إلى قتال الإفرنج * (مسير الأمراء السلجوقية إلى قتال الإفرنج) * ولما سار مسعود ابن السلطان مع الأمير مودود إلى الموصل اجتمع معهم الأمراء سقمان القطبي صاحب ديار بكرو ابنا برسق ابلتكى وزنكى أصحاب همذان والأمير أحمد بك صاحب مراغة وأبو الهيجاء صاحب أربل واياز بن أبي الغازي بعثه أخوه صاحب ماردين وساروا جميعا إلى سنجار وفتحوا عدة حصون للإفرنج ونزلوا على مدينة الرها وحاصروا واجتمعوا مع الإفرنج على الفرات وخام الطائفتان عن اللقاء وتأخر المسلمون إلى حران يستطردون للإفرنج لعلهم يعبرون الفرات فخالفهم الإفرنج إلى الرها وشحنوها أقواتا وعدة وأخرجوا الضعفاء منها ثم عبروا الفرات إلى نواحي حلب لان الملك رضوان صاحبها لما عبروا إلى الجزيرة ارتجع بعض الحصون التي كان الإفرنج أخذوها بأعمال حلب فطرقوها الآن فاكتسحوا نواحيها وجاءت عساكر السلطان إلى الرها وقاتلوها فامتنعت عليهم فعبروا الفرات وحاصروا قلعة تل ناشر شهرا ونصفا فامتنعت فرحلوا إلى حلب فقعد الملك رضوان عن لقائهم ومرض هنالك سقمان القطبي ورجعوا فتوفى في بالس وحمل شلوه إلى بلده ونزلت العساكر السلطانية على معرة النعمان فخرج طغركين صاحب دمشق إلى مودود ونزل عليه ثم ارتاب لما رأى من الأمراء في حقه فدس للإفرنج بالمهادنة ثم افترقت العساكر كما ذكرنا في أخبارهم وبقي مودود مع طغركين على نهر العاصي وطمع الإفرنج بافتراقهم فساروا إلى فامية وخرج سلطان بن منقذ صاحب شيرز إلى مودود وطغركين فرحل بهم إلى شيرز وهون عليهم أمر الإفرنج وضاقت الميرة على الإفرنج فرحلوا واتبعهم المسلمون يتخطفون من أعقابهم حتى أبعدوا والله تعالى أعلم * (حصار الإفرنج مدينة صور) * ولما افترقت العساكر السلطانية خرج بقدوين ملك القدس وجمع الإفرنج ونزلوا على
(١٩٤)