وفارق امام الحرمين وأبو القاسم القشيري البلاد من أجل ذلك فلما ولى البارسلان حمله نظام الملك على إزالة ذلك ورجع العلماء إلى أوطانهم ومناقبه كثيرة وحسبك من عكوف العلماء على مجلسه وتدوينهم الدواوين باسمه فعل ذلك امام الحرمين وأشباهه وأما مدارسه فقد بنى النظامية ببغداد وناهيك بها ورتب الشيخ أبا إسحاق الشيرازي للتدريس بها وتوفى سنة ست وسبعين فرتب ابنه مؤيد الملك مكانه أبا سعيد المتولي فلم يرضه نظام الملك وولى فيها الامام أبا نصر الصباغ صاحب الشاهل ومات أبو نصر في شعبان من تلك السنة فولى أبو سعيد من سنة ثمان وسبعين ومات فدرس بعده الشريف العلوي أبو القاسم الدبوسي وتوفى سنة ثنتين وثمانين وولى تدريسه بعدها أبو عبد الله الطبري والقاضي عبد الوهاب الشيرازي بالنوبة يوما بيوم ثم ولى تدريسها الإمام أبو حامد الغزالي سنة أربع وثمانين واتصل حكمها على ذلك وفي أيامه عكف الناس على العلم واعتنوا به لما كان من حسن أثره في ذلك والله أعلم * (وفاة السلطان ملك شاه وولاية ابنه محمود) * ثم لما سار السلطان بعد مقتل نظام الملك إلى بغداد ودخلها آخر رمضان وكان معه في الدولة أبو الفضل الهروستمانى وزير زوجته الخاتون الجلالية من الملوك الخانية فيما وراء النهر وكان من أشد الناس سعاية في نظام الملك وعزم السلطان أن يستوزره لأول دخوله بغداد فعاقت الميتة عن ذلك وطرقه المرض ثالث الفطر وهلك منتصف شوال سنة خمس وثمانين وكانت زوجته تركمان خاتون الجلالية عنده في بغداد وابنها محمود غائبا في اصبهان فسلمت موته وسارت بشلوه إلى اصبهان وتاج الملك في خدمتها وقدمت بين يديها قوام الدين كربوقا الذي ولى الموصل من بعد وأرسلته بخاتم السلطان إلى مستحفظ القلعة فملكها وجاءت على اثره وقد أفاضت الأموال في الأمراء والعساكر ودعتهم إلى بيعة ولدها محمود وهو ابن أربع سنين فأجابوا إلى ذلك وبايعوه وأرسلت إلى المقتدر في الخطبة له فأجابها على أن يكون الأمير أنز قائما بتدبير الملك ومجد الملك مشيرا وله النظر في الاعمال والجباية فنكرت ذلك أمه خاتون وكان السفير أبا حامد الغزالي فقال لها ان الشرع لا يجيز ولاية ابنك فقبلت الشرط وخطب له آخر شوال سنة خمس وثلاثين وأرسلت تركمان خاتون إلى اصبهان في القبض على بركيارق فحبس بأصبهان وكان السلطان ملك شاه من أعظم ملوك السلجوقية ملك من الصين إلى الشأم ومن أقصى الشأم إلى اليمن وحمل لطيه ملوك الروم الجزية ومناقبه عظيمة مشهورة * (منازعة بركيارق لأخيه محمود وانتظام سلطانه) *
(١٣)