الدين مسعود بن الزعفراني من أمراء نور الدين وكان قد اتصل بالسلطان صلاح الدين واستخدم له ثم فارقه حيث لم يحصل على غرضه عنده فلحق ببقدوين وبها نائب الزعفراني فحاصرها حتى استأمنوا إليه وأقطعها خاله شهاب الدين محمود بن تكش الحارمي وأقطع حمص ناصر الدين بن عمه شيركوه وعاد إلى دمشق آخر سنة سبعين وكان سيف الدين غازي صاحب الموصل بعد هزيمة أخيه وعساكره عاد من حصار أخيه بسنجار كما قلناه إلى الموصل فجمع العساكر وفرق الأموال واستنجد صاحب كيفا وصاحب ماردين وسار في ستة آلاف فارس وانتهى إلى نصيبين في ربيع سنة احدى وسبعين فأقام إلى انسلاخ فصل الشتاء وسار إلى حلب فبرز إليه سعد الدين كمستكين الخادم مدبر الصالح في عساكر حلب وبعث صلاح الدين عن عساكره من مصر وقد كان أذن لهم في الانطلاق فجاؤوا إليه وسار من دمشق إلى سيف الدين وكمستكين فلقيهم بتل الفحول وانهزموا راجعين إلى حلب وترك سيف الدين أخاه عز الدين بها في جمع من العساكر وعبر الفرات إلى الموصل يظن أن صلاح الدين في اتباعه وشاور الصالح وزيره جلال الدين ومجاهد الدين قايمان في مفارقة الموصل إلى قلعة الحميدية فعارضاه في ذلك ثم عزل القندار عن امارة الجيوش لأنه كان جر الهزيمة برأيه ومفارقته وولى مكانه مجاهد الدين قايمان ولما انهزمت العساكر أمام صلاح الدين وغنم مخلفها سار إلى مراغة وملكها وولى عليها سار إلى منبج وبها صاحبها قطب الدين نيال بن حسان المنبجي وكان شديد العداوة لصلاح الدين فملك المدينة وحاصره بالقلعة وضيق مخنقه ثم نقب أسوارها وملكها عليه عنوة وأسره ثم أطلقه سليبا فلحق بالموصل وأقطعه سيف الدين الرقة ولما فرغ صلاح الدين من منبج سار إلى قلعة عزاز وهي في غاية المنعة فحاصرها أربعين يوما حتى استأمنوا إليه فتسلمها في الأضحى ثم رحل إلى حلب فحاصرها وبها الملك الصالح واشتد أهلها في قتاله فعدل إلى المطاولة ثم سعى بينهما في الصلح وعلى أن يدخل فيه سيف الدين صاحب الموصل وصاحب كيفا وصاحب ماردين فاستقر الامر على ذلك وخرجت أخت الملك الصالح إلى صلاح الدين فأكرمها وأفاض عليها العطاء وطلبت منه قلعة عزاز فأعطاها إياها ورحل إلى بلاد الإسماعيلية والله سبحانه وتعالى أعلم * (عصيان صاحب شهرزور على سيف الدين صاحب الموصل ورجوعه) * كان مجاهد الدين قايمان متولى مدينة أربل وكان بينه وبين شهاب الدين محمد بن بدران صاحب شهرزور عداوة فلما ولى سيف الدين مجاهد الدين قايمان نيابة الموصل تعاف شهاب الدين غائلته عن تعاهد الخدمة بالموصل وأظهر الامتناع وذلك سنة ثنتين
(٢٥٧)