كما تقدم في أخبار دولة زنكى والله تعالى ينصر من يشاء من عباده * (وفاة العزيز صاحب مصر وولاية أخيه الأفضل) * ثم توفى العزيز عثمان بن صلاح الدين آخر محرم سنة خمس وتسعين وكان فخر الدين اياس چهاركس مولى أبيه مستبدا عليه فأرسل العادل بمكانه من حصار ماردين يستدعيه للملك وكان چهاركس هذا مقدم موالي صلاح الدين وكانوا منحرفين عن الأفضل وكان موالي صلاح الدين شيركوه والأكراد شيعة له وجمعهم چهاركس لينظر في الولاية وأشار بتولية ابن العزيز فقال له سيف الدين ايازكوش مقدم موالي شيركوه لا يصلح لذلك لصغره إلا أن يكفله أحد من ولد صلاح الدين لان رياسة العساكر صنعة واتفقوا على الأفضل ثم مضوا إلى القاضي الفاضل فأشار بذلك أيضا وأرسل ايازكوش يستدعيه من صرخد فسار آخر صفر من السنة ولقيه الخبر في طريقه بطاعة القدس له وخرج أمراء مصر فلقوه ببلبيس وأضافه أخوه المؤيد مسعود وفخر الدين چهاركس ودولة العزيز فقدم أخاه وارتاب چهاركس واستأذنه في المسير ليصلح بين طائفتين من العرب اقتتلا فأذنه فسار فخر الدين إلى القدس وتملكه ولحقه جماعة من موالي صلاح الدين منهم قراجا الدكرمس وقراسنقر وجاءهم ميمون القصري فقويت شوكتهم به واتفقوا على عصيان الأفضل وأرسلوا إلى الملك العادل يستدعونه فلم يعجل لاجابتهم لطمعه في أخذ ماردين وارتاب الأفضل بموالي صلاح الدين وهو شقيرة وانبك مطيش والبكى ولحق جماعة منهم بأصحابهم بالقدس وأرسل الأفضل إليهم في العود على ما يختارونه فامتنعوا وأقام هو بالقاهرة وقرر دولته وقدم فيها سيف الدين ايازكوش والملك لابن أخيه العزيز عثمان وهو كافل له لصغره وانتظمت أمورهم على ذلك انتهى والله سبحانه وتعالى أعلم * (حصار الأفضل دمشق وعوده عنها) * ولما انتظمت الأمور للأفضل بعث إليه الظاهر غازي صاحب حلب وابن عمه شيركوه ابن محمد بن شيركوه صاحب حمص يغريانه بملك دمشق لغيبة العادل عنها في حصار ماردين ويعدانه المظاهرة فسار من منتصف السنة ووصل إلى دمشق منتصف شعبان وسبقه العادل إليها وترك العساكر مع ابنه الكامل على ماردين ولما نزل الأفضل على دمشق وكان معه الأمير مجد الدين أخو عيسى الهكاري فداخل قوما من الأجناد في دمشق في أن يفتحوا له باب السلامة ودخل منه هو والأفضل سرا وانتهوا إلى باب البريد ففطن عسكر العادل لقلتهم وانقطاع مددهم فتراجعوا وأخرجوهم ونزل
(٣٣٥)