الحلة فأغراه بالخلاف وخوفه غائلة بركيارق وأشار عليه بمكاتبة محمد بن شاه وهو في كنجه وشاع عنه ذلك فازداد خوفه وجمع العساكر وسار من اصبهان إلى الري وجاهر السلطان بالخلاف وطلب منه أن يسلم إليه فخر الملك البارسلان وبينما هو في ذلك إذ هجم عليه ثلاثة نفر من الأتراك المولدين بخوارزم من جنده فطعنوه فقتلوه واهتاج عسكره فنهبوا خزائنه وحمل شلوه إلى اصبهان فدفن بها وأشهر خبر قتله إلى السلطان في أحواز الري وهو سائر لقتاله فسر بذلك هو وفخر الملك البارسلان وذلك في سنة ثنتين وتسعين وكان محمود المذاهب كبير المناقب ولما قتل هرب اصهنر صبار إلى دمشق فأقام بها مدة ثم قدم على السلطان محمد سنة احدى وخمسمائة فأكرمه وأقطعه رحبة مالك بن طوق * (استيلاء الإفرنج على بيت المقدس) * كان بيت المقدس لتاج الدولة تتش وأقطعه الأمير سقمان بن أرتق التركماني وكان تتش ملكه من يد العلويين أهل مصر فلما وهن الأتراك بواقعة أنطاكية طمع المصريون في ارتجاعه وسار صاحب دولتهم الأفضل بن بدر الجمالي وحاصر الأمير سقمان وأخاه ابلغارى وابن أخيهما ياقوتي وابن عمهما سونح ونصب المجانيق فثلموا سوره ثم ملكوه بالأمان لأربعين يوما من حصاره في شعبان سنة تسع وثمانين وأحسن الأفضل إلى سقمان وابلغارى ومن معهما وأطلقهم فأقام سقمان ببلد الرها وسار ابلغارى إلى العراق وولى الأفضل على بيت المقدس افتخار الدولة من أمرائهم ورجع إلى مصر فلما رجع الإفرنج من عكا جاؤوا إلى بيت المقدس فحاصروه أربعين يوما واقتحموه من جهة الشمال آخر شعبان من سنة ثنتين وتسعين وعاثوا في أهله واعتصم فلهم بمحراب داود عليه السلام ثلاثا حتى استأمنوا وخرجوا ليلا إلى عسقلان وقتل بالمسجد سبعون ألفا أو يزيدون من المجاورين فيهم العلماء والزهاد والعباد وأخذوا نيفا وأربعين قنديلا من الفضة زنة كل واحد ثلاثة آلاف وستمائة درهم ومائة وخمسين قنديلا من الصغار وتنورا من الفضة زنته أربعون رطلا بالشامي وغير ذلك مما لا يحصى ووصل الصريخ إلى بغداد مستغيثين فأمر المقتدى أن يسير إلى السلطان بركيارق أبو محمد الدامغاني وأبو بكر الشاشي وأبو القاسم الزنجاني وأبو الوفاء بن عقيد وأبو سعد الحلواني وأبو الحسين بن السماك فساروا إلى بركيارق يستصرخونه للمسلمين فانتهوا إلى حلوان وبلغهم مقتل نجد الملك البارسلان وفتنة بركيارق مع أخيه محمد فرجعوا وتمكن الإفرنج من البلاد ونحن عازمون على افراد أخبارهم بالشأم وما كان لهم فيه من الدولة على حكم أخبار الدول في كتابنا
(٢١)