واستشهد كثير منهم فتجهز السلطان للغزو وسار من مصر في شعبان سنة أربع وستين وترك ابنه السعيد عليا بالقلعة في كفالة عز الدين أيدمر الحلي وقد كان عهد لابنه السعيد بالملك سنة ثنتين وستين ولما انتهى إلى غزة بعث العساكر صحبة سيف الدين قلاون ايدغدى العزيزي فنازل القليعات وحلب وعرقا من حصون طرابلس فاستأمنوا إليه وزحفت العساكر وسار السلطان إلى صفد فحاصرها عشرا ثم اقتحمها عليهم في عشرين من رمضان السنة وجمع الإفرنج الذين بها فاستلحمهم أجمعين وأنزل بها الحامية وفرض أرزاقهم في ديوان العطاء ورجع إلى دمشق والله تعالى أعلم * (مسير العساكر لغزو الأرمن) * هؤلاء الأرمن من ولد أخي إبراهيم عليه السلام من بنى قوميل بن ناحور وناحور بن تارح وعبر عنه في التنزيل بآزر وناحور أخو إبراهيم عليه السلام ويقال ان الكرج اخوة الأرمن وأرمينية منسوبة إليهم وآخر مواطنهم الدروب المجاورة لحلب وقاعدتها سيس ويلقب ملكهم التكفور وكان ملكهم صاحب هذه الدروب لعهد الملك الكامل وصلاح الدين من بعده اسمه قليج بن اليون واستنجد به العادل وأقطع له وكان يعسكر معه وصالحه صلاح الدين على بلاده ثم كان ملكهم لعهد هلاكو والتتر هيثوم بن قسطنطين ولعله من أعقاب قليج أو قرابته ولما ملك هلاكو العراق والشأم دخل هيثوم في طاعته فأقره على سلطانه ثم أمره بالإغارة على بلاد الشأم وأمده صاحب بلاد الروم من التتر وسار سنة ثنتين وستين ومعه بنو كلاب من أعراب حلب وانتهوا إلى؟؟ وجهز الظاهر عساكر حماة وحمص فساروا إليهم وهزموهم ورجعوا إلى بلادهم فلما رجع السلطان من غزاة طرابلس سنة أربع وستين سرح العساكر لغزو سيس وبلاد الأرمن وعليهم سيف الدين قلاون والمنصور صاحب حماة فساروا لذلك وكان هيثوم ملكهم قد ترهب ونصب للملك ابنه كيقومن فجمع كيقومن الأرمن وسار للقائهم ومعه أخوه وعمه وأوقع بهم المسلمون قتلا وأسرا وقتل أخوه وعمه في جماعة من الأرمن واكتسحت عساكر المسلمين بلادهم واقتحموا مدينة سيس وخربوها ورجعوا وقد امتلأت أيديهم بالغنائم والسبي وتلقاهم الظاهر من دمشق عند قارا فلما رآهم ازداد سرورا بما حصل لهم وشكا إليه هنالك الرعية ما لحقهم من عدوان الاحياء الرحالة وانهم ينهبون موجودهم ويبيعون ما يتخطفونه منهم من الإفرنج بعكا فأمر باستباحتهم وأصبحوا نهبا في أيدي العساكر بين القتل والأسر والسبي ثم سار إلى مصر وأطلق كيقومن ملك الأرمن وصالحه على بلده ولم يزل مقيما إلى أن بعث أبوه في فدائه وبذل فيه الأموال والقلاع فأبى الظاهر من ذلك
(٣٨٦)