على سريته ومعه جماعة من عساكره فبعثوا إلى صلاح الدين بالخبر فوافاهم وهم يقتتلون فهزم الإفرنج وأثخن فيهم ونجا ملكهم في فل وأسر صاحب الرملة ونابلس منهم وكان رديف ملكهم وأسر أخوه صاحب جبيل وطبرية ومقدم الفداوية ومقدم الاساتارية وغيرهم من طواغيتهم وفادى صاحب الرملة نفسه وهو ارتيرزان بمائة وخمسين ألف دينار هورية وألف أسير من المسلمين وأبلى في هذا اليوم عز الدين فرخشاه ابن أخي صلاح الدين بلاء حسنا ثم عاد صلاح الدين إلى بانياس وبث السرايا في بلاد الإفرنج وسار لحصار الحصن فقاتله قتالا شديدا وتسنم المسلمون سوره حتى ملكوا برجا منه وكان مدد الإفرنج بطبرية والمسلمون يرتقبون وصولهم فأصبحوا من الغد ونقبوا السور وأضرموا فيه النار فسقط وملك المسلمون الحصن عنوة آخر ربيع سنة خمس وسبعين وأسروا كل من فيه وأمر صلاح الدين بهدم الحصن فالحق بالأرض وبلغ الخبر إلى الإفرنج وهم مجتمعون بطبرية لامداده فافترقوا وانهزم الإفرنج والله سبحانه وتعالى أعلم * (الفتنة بين صلاح الدين وقليج أرسلان صاحب الروم) * كان حصن رعبان من شمالي حلب قد ملكه نور الدين العادل بن قليج أرسلان صاحب بلاد الروم وهو بيد شمس الدين ابن المقدم فلما انقطع حصن رعبان عن إيالة صلاح الدين وراء حلب طمع قليج أرسلان في استرجاعه فبعث إليه عسكرا يحاصرونه وبعث صلاح الدين تقى الدين ابن أخيه في عسكر لمدافعتهم فلقيهم وهزمهم وعاد إلى عمه صلاح الدين ولم يحضر معه تخريب حصن الاضرار وكان نور الدين محمود بن قليج أرسلان بن داود صاحب حصن كيفا وآمد وغيرهما من ديار بكر قد فسد ما بينه وبين قليج أرسلان صاحب بلاد الروم بسبب اضراره ببنته وزواجه عليها واعتزم قليج أرسلان على حربه وأخذ بلاده فاستنجد نور الدين بصلاح الدين وبعث إلى قليج أرسلان يشفع في شأنه فطلب استرجاع حصونه التي أعطاها لنور الدين عند المصاهرة ولج في ذلك صلاح الدين على قليج وسار إلى رعبان ومر بحلب فتركها ذات الشمال وسلك على تل باشر ولما انتهى إلى رعبان جاءه نور الدين محمود وأقام عنده وارسل إليه قليج أرسلان يصف فعل نور الدين واضراره ببنته فلما أدى الرسول رسالته امتعض صلاح الدين وتوعدهم بالمسير إلى بلده فتركه الرسول حتى سكن وغدا عليه فطلب الخلوة وتلطف له في فسخ ما هو فيه من ترك الغزو ونفقة الأموال في هذا الغرض الحقير وان بنت قليج أرسلان يجب على مثلك من الملوك الامتعاض لها ولا تترك لمضارة من دونها فعلم صلاح الدين الحق فيما قاله وقال للرسول ان نور الدين استند إلى فعلك فأصلح الامر بينهما وأنا معين على ما تحبونه
(٢٩٤)