من مضمون البيعة وقرئ كتاب التقليد على الأمراء والقضاة والخاصة والعامة في يوم مشهود وانفض الجمع وانعقد أمر السلطان وبيعته وضرب فيها للأمير برقوق بسهم والله تعالى مالك الأمور * (وصول أنس الغساني والد الأمير برقوق وانتظامه في الأمراء) * أصل هذا الأمير برقوق من قبيلة جركس الموطنين ببلاد الشمال في الجبال المحيطة بوطئ القفجاق والروس واللان من شرقيها المطلة على بسائطهم ويقال انهم من غسان الداخلين إلى بلاد الروم مع أميرهم جبلة بن الأيهم عندما أجفل هرقل إلى الشأم وسار إلى القسطنطينية وخبر مسيره من أرض الشأم وقصته مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه متناقلة معروفة بين المؤرخين وأما هذا الرأي فليس على ظاهره وقبيلة جركس من الترك معروفة بين النسابين ونزولهم بتلك المواطن قبل دخول غسان وتحقيق هذا الرأي ان غسان لما دخلوا مع جبلة إلى هرقل أقاموا عنده ويئسوا من الرجوع لبلادهم وهلك هرقل واضطرب ملك الروم وانتشرت الفتنة هنالك في ممالكهم واحتاجت غسان إلى الحلف للمدافعة في الفتن وحالفوا قبائل جركس ونزلوا في بسيط جبلهم من جانبه الشرقي مما يلي القسطنطينية وخالطوهم بالنسب والصهر واندرجوا فيهم حتى تلاشت أحياؤهم وصاروا إلى؟؟ وأووا من البسائط إلى الجبال مع جركس فلا يبعد مع هذا أن تكون أنسابهم تداخلت معهم ممن انتسب إلى غسان من جركس وهو مصدق في نسبه ويستأنس له بما ذكرناه فهو نسبة قوية صحته والله تعالى أعلم وجلب هذا الأمير برقوق على عهد الأمير بيبقا عثمان قراجا من التجار المعروفين يومئذ بتلك الجهات فملكه بيبقا وربى في اطباق بيته وآوى من قصده وشد في الرماية والثقافة وتعلم آداب الملك وانسلخ من جلدة الخشونة وترشح للرياسة والامارة والسعادة تشير إليه والعناية الربانية تحوم عليه ثم كان ما ذكرناه من شأن مماليك بيبقا ومهلك كبيرهم يومئذ اشدمر وكيف تقسموا بين الجلاء والسجن وكان الأمير برقوق أعزه الله تعالى ممن أدركه التمحص فلبث في سجن الكرك خمس سنين بين أصحاب له منهم له منهم فكانت تهوينا لما لقى من بوائقه وشكرا له بالرجوع إلى الله ليتم ما قدر الله فيه من حمل أمانته واسترعاء عباده ثم خلص من ذلك المحبس مع أصحابه وخلى سبيله فانطلقوا إلى الشأم واستخلصهم الأمير منجك نائب الشأم يومئذ وكان بصيرا مجربا فألقى محبته وعنايته على هذا الأمير لما رأى عليه من علامات القبول والسعادة ولم يزل هناك في خالصته إلى أن هجس في نفس السلطان
(٤٧٢)