كان بركيارق أكبر أولاد السلطان ملك شاه وكانت أمه زبيدة بنت ياقوتي بن داود وياقوتي عم ملك شاه ولما حبس بركيارق وخافت عليه أمه زبيدة دست لمماليك نظام الملك فتعصبوا له وكانت خاتون غائبة ببغداد مع ابنها محمود لفقد سلطانه فوثب المماليك النظامية على سلاح لنظام الملك بأصبهان وأخرجوا بركيارق من محبسه وخطبوا له وبلغ الخبر إلى خاتون فسارت من بغداد وطلب العسكر تاج الملك في عطائهم فهرب إلى قلعة بوجين لينزل منها الأموال وامتنع فيها ونهب العسكر خزائنه وساروا إلى اصبهان وقد سار بركيارق والنظامية إلى الري فأطاعه أرغش النظامي في عساكره وفتحوا قلعة طغرل عنوة وبعثت خاتون العساكر لقتال بركيارق فنزع إليه سبكرد وكمستكن الجاندار وغيرهما من أمراء عساكره ولقيهم بركيارق فهزمهم وسار في اثرهم إلى أصفهان فحاصرهم بها وكان عز الملك بن نظام الملك بأصبهان وكان واليا على خوارزم فحضر عند السلطان قبل مقتل أبيه وبقي هناك بعد وفاة السلطان فخرج إلى بركيارق ومعه جماعة من إخوانه فاستوزره بركيارق وفوض إليه الأمور كما كان أبوه * (مقتل تاج الملك) * وهو أبو الغنائم المرزبان بن خسرو فيروز كان وزيرا لخاتون وابنها ولما هرب إلى قلعة بوجين خوفا من العسكر كما قدمنا وملكت خاتون اصبهان عاد إليها واعتذر بأن صاحب القلعة حبسه فقبلت عذره وبعثته مع العساكر لقتال بركيارق فلما انهزموا حمل أسيرا عنده وكان يعرف كفاءته فأراد أن يستوزره وكان النظامية ينافرونه ويتهمونه بقتل نظام الملك وبذل فيهم أموالا فلم يغنه ووشوا به فقتلوه في المحرم سنة ست وثمانين وكان كثير الفضائل جم المناقب وانما غطى على محاسنه ممالاته على قتل نظام الملك وهو الذي بنى تربة الشيخ أبى اسحق الشيرازي والمدرسة بإزائها ورتب بها أبا بكر الشاشي مدرسا * (مهلك محمود) * ثم هلك السلطان محمود وهو محاصر بأصبهان لسنة من ولايته واستقل بركيارق بالملك * (منازعة تتش بن البارسلان وأخباره إلى حين انهزامه) * كان تاج الدولة تتش أخو السلطان ملك شاه صاحب الشأم وسار إلى لقاء أخيه ملك شاه ببغداد قبيل موته فلقيه خبر موته بهيت فاستولى عليها وعاد إلى دمشق فجمع العساكر وبذل الأموال وأخذ في طلب الملك فبدأ بحلب ورأى صاحبها قسيم الدولة أقسنقر اختلاف ولد ملك شاه وحقرهم فأطاع تاج الدولة تتش وتبعه في طاعته وبعث إلى باعى يسار صاحب أنطاكية وإلى مران صاحب الرها وحران يشير عليهما بمثل ذلك فأجابا وخطبوا لتاج الدولة تتش في بلادهم وساروا معه إلى الرحبة فملكها ثم إلى نصيبين
(١٤)