الشوبك فاكتسحوهما والبرنس محصور بالكرك وقد عجز الإفرنج عن امداده لمكان العساكر مع الأفضل بن صلاح الدين ثم بعث صلاح الدين إلى ابنه الأفضل فأمره بارسال بعث إلى عكا ليكتسحوا نواحيها فبعث مظفر الدين كوكبرى صاحب حران والرها وقايماز النجمي وداروم الياروقي وساروا في آخر صفر فصبحوا صفورية وبها جمع من الفداوية والاستبارية فبرزوا إليهم وكانت بينهم حروب شديدة تولى الله النصر فيها للمسلمين وانهزم الإفرنج وقتل مقدمهم وامتلأت أيدي المسلمين من الغنائم وانقلبوا ظافرين ومروا بطبرية وبها القمص فلم يهجهم لما تقدم بينه وبين صلاح الدين من الولاية وعظم هذا الفتح وسار البشير به في البلاد والله تعالى أعلم * (هزيمة الإفرنج وفتح طبرية ثم عكا) * ولما انهزم الفداوية والاستبارية بصفورية ومر المسلمون بالغنائم على القمص ريمند بطبرية ووصلت البشائر بذلك إلى صلاح الدين عاد إلى معسكره الذي مع ابنه ومر بالكرك واعتزم على غزو بلاد الإفرنج فاعترض عساكره وبلغه ان القمص ريمند قد راجع أهل ملته ونقض عهده معه وان البطرك والقسيس والرهبان أنكروا عليه مظاهرته للمسلمين ومرور عساكرهم به بأسرى النصارى وغنائمهم ولم يعترضهم مع ايقاعهم بالفداوية والاستبارية أعيان الملة وتهددوه بالحاق كلمة الكفر به فتنصل وراجع رأيه واعتذر إليهم فقبلوا عذره وخلص لكفره وطواغيته فجددوا الحلف والاجتماع وساروا من عكا إلى صفورية وبلغ الخبر إلى صلاح الدين وشاور أصحابه فمنهم من أشار بترك اللقاء وثن الغارات عليهم حتى يضعفوا ومنهم من أشار باللقاء لنزول عكا واستيفاء ما فعلوه في المسلمين بالجزيرة فاستصوبه صلاح الدين واستعجل لقاءهم ثم رحل من الأقحوانة أواخر رمضان فسار حتى خلف طبرية وتقدم إلى معسكر الإفرنج فلم يفارقوا خيامهم فلما كان الليل أقام طائفة من العسكر فسار إلى طبرية فملكها من ليلته عنوة ونهبها وأحرقها وامتنع أهلها بالقلعة ومعهم الملكة وأولادها فبلغ الخبر إلى الإفرنج فضبح القمص وعمد إلى الصلح وأطال القول في تعظيم الخطب وكثرة المسلمين فنكر عليه البرنس صاحب الكرك واتهمه ببقائه على ولاية صلاح الدين واعتزموا على اللقاء ووصلوا من مكانهم لقصد المعسكر وعاد صلاح الدين إلى معسكره وبعدت المياه من حوالي الإفرنج وعطشوا ولم يتمكنوا من الرجوع فركبهم صلاح الدين دون قصدهم واشتدت الحرب وصلاح الدين يجول بين الصفوف يتفقد أحوال المسلمين ثم حمل القمص على ناحية تقى الدين عمر بن شاه حملة استمات فيها هو وأصحابه فأفرج له الصف وخلص من تلك الناحية إلى منجاته واختل مصاف الإفرنج وتابعوا الحملات
(٣٠٦)