علو الكلمة كما حصل لأبيه فتنة بركيارق ومحمد وشعر البرسقي بسعاية دبيس فحشى على نفسه ولحق بالسلطان محمود فقبله وأعلى محله ثم اتصل بالملك مسعود الأستاذ أبو إسماعيل الحسين بن علي الأصبهاني الطغرائي (1) وكان ابنه أبو الوليد محمد بن أبي إسماعيل يكتب الطغري للملك مسعود فلما وصل أبوه استوزره مسعود وعزل أبا علي بن عمار صاحب طرابلس سنة ثلاث عشرة فأغرى مسعودا بالخلاف على أخيه لسلطان محمود فكتب إليهم السلطان بالترغيب والترهيب فأظهروا أمرهم وخاطبوا الملك مسعودا بالسلطان وضربوا له النوب الخمس وأغروا إليه السير وهو في خف من العسكر فسار إليهم في خمسة عشر ألفا وفي مقدمته البرسقي ولقيهم بعقبة استراباذ منتصف ربيع الأول سنة أربع عشرة فانهزم الملك مسعود وأصحابه وأسر جماعة من أعيانهم منهم الأستاذ أبو إسماعيل الطغرائي وزير الملك مسعود فأمر السلطان محمود بقتله وقال ثبت عندي فساد عقيدته وكان قتله لسنة من وزارته وكان كاتبا شاعر يميل إلى صناعة الكيمياء وله فيها تصانيف معروفة ولما انهزم الملك مسعود لحق ببعض الجبال على اثنى عشر فرسخا من المعركة فاختفى فيه مع غلمان صغار وبعث يستأمن إلى أخيه فأرسل إليه أقسنقر البرسقي يؤمنه ويجئ به إليه وخالفه إليه بعض الأمراء فحرضه على اللحاق بالموصل وآذربيجان ومكاتبة دبيس ومعاودة الحرب فسار معه لذلك وجاء البرسقي إلى مكانه الأول فلم يجده فاتبعه إلى أن أدركه على ثلاثين فرسخا وأعلمه حال أخيه من الرضا عنه وأعاده فرجع ولقيه العساكر بأمر السلطان محمود وأنزله عند أمه ثم أحضره وهش له وبكى وخلطه بنفسه وذلك لثمانية وعشرين يوما من الخطبة بآذربيجان وأما حيوس بك الأتابك فافترق من السلطان من المعركة وسار إلى الموصل وجمع الغلال من سوادها واجتمعت إليه العساكر وبلغه فعل السلطان مع أخيه فسار إلى الزاب موريا بالصيد ثم أجد السير إلى السلطان بهمدان فأمنه وأحسن إليه وبلغ الخبر بالهزيمة إلى ديس وهو بالعراق فنهب البلاد وأخربها وبعث إليه السلطان فلم يصغ لي كتابه * (ولاية أقسنقر البرسقي على الموصل ثم على واسط وشحنة العراق) * ولما وصل حيوس بك إلى السلطان محمود بعثه إلى أخيه طغرل وأتابك كبغرى فسار إلى كنجة وبقي أهل الموصل فوضى من غير وال وكان أقسنقر البرسقي قد أبلى في خدمة السلطان محمود ورد إليه أخاه مسعودا يوم الهزيمة فعرف له حق نصحه وحسن أثره فأقطعه الموصل وأعمالها وما يضاف إليها كسنجار والجزيرة فسار إليها سنة خمس عشرة وتقدم إلى سائر الأمراء بطاعته وأمره بمجاهدة الإفرنج واسترجاع البلاد منهم فوصل إلى الموصل وقام بتدبيرها واصلاح أحوالها ثم أقطعه سنة ست عشرة بعدها
(٥٠)