يعطونهم الطاعة ويبعثون إليهم الإتاوة من الأموال والهدايا وطرف اليمن وما عونه فجهز لهم الناصر صحبة بيبرس الحاجب وطبنال من أعظم أمرائه فساروا إلى اليمن ولقيهم المجاهد بعدن فأصلحوا بين الفريقين على أن تكون ويستقر المجاهد في سلطانه باليمن ومالوا على كل من كان سببا في الفتنة فقتلوهم ودوخوا اليمن وحملوا أهله على طاعة المجاهد ورجعوا إلى محلهم من الأبواب السلطانية والله تعالى ولى التوفيق * (ولاية أحمد بن الملك الناصر على الكرك) * ولما استفحل ملك السلطان الناصر واستمر وكثر ولده طمحت نفسه إلى ترشيح ولده لتقر عينه بملكهم فبعث كبيرهم أحمد إلى قلعة الكرك سنة ست وعشرين ورتب الأمراء المقيمين بوظائف السلطان فسار إلى الكرك وأقام بها أربع سنين ممتعا بالملك والدولة وأبوه قرير العين بإمارته في حياته ثم استقدمه سنة ثلاثين وأقام فيه سنة الختان واحتفل في الصنيع له وختن معه من أبناء الأمراء والخواص جماعة انتقاهم ووقع اختياره عليهم ثم صرفه إلى مكان امارته بالكرك فأقام بها إلى أن توفى الملك الناصر وكان ما نذكره والله تعالى أعلم * (وفاة دمرداش بن جوبان شحنة بلاد الروم ومقتله) * كان جوبان نائب مملكة التتر مستوليا على سلطانه أبى سعيد بن خربندا لصغره وكانت حاله مع أبيه خربندا قريبا من الاستيلاء فولى على مملكة بلاد الروم دمرداش ثم وقعت الفتنة بينهم وبين ملك الشمال أزبك من بنى دوشى خان على خراسان وسار جوبان من بغداد سنة تسع وعشرين لمدافعته كما يأتي في أخبارهم وترك عند السلطان أبى سعيد ببغداد ابنه خواجا دمشق فسعى به أعداؤه وانهوا عنه قبائح من الأفعال لم يحتملها له فسطا به وقتله وبلغ الخبر إلى أبيه جوبان فانتقض وعاجله أبو سعيد بالمسير إلى خراسان فتفرقت عنه أصحابه وفر فأدرك بهراة وقتل وأذن السلطان أبو سعيد لأهله أن ينقلوه إلى التربة التي اختطها بالمدينة النبوية لدفنه فاحتملوه ولم يتوقفوا على اذن صاحب مصر فمنعهم صاحب المدينة ودفنوه بالبقيع ولما بلغ الخبر بمقتله إلى ابنه دمرداش في امارته ببلاد الروم خشى على نفسه فهرب إلى مصر وترك مولاه ارتق مقيما لامر البلد وأنزله بسيواس ولما وصل إلى دمشق وركب النائب لتلقيه وسار معه إلى مصر فأقبل عليه السلطان وأحله محل الكرامة وكان معه سبعة من الأمراء ومن العسكر نحو ألف فارس فأكرمهم السلطان وأجرى عليهم الارزاق وأقاموا عنده
(٤٣٥)