نفرات وتسلم البلاد من ناصر الدين بن تقى الدين وأنزل بها عماله واستصحبه وسائر لعساكر الجزرية إلى صلاح الدين بالقدس ولما بلغ الإفرنج أن صلاح الدين ابنه الأفضل وأخاه العادل وفرق العساكر عليهما ولم يبق معه بالقدس الا بعض لخاصة فطمعوا فيه وأغاروا على عسكر مصر وهو قاصد إليه ومقدمهم سليمان أخو لعادل لامه فأخذوه بنواحي الخليل وقتلوا وغنموا ونجا فلهم إلى جبل الخليل وساروا لي الداروم فخربوه ثم ساروا إلى القدس وانتهوا إلى بيت قوجة على فرسخين من لقدس تاسع جمادى الأولى من سنة ثمان وثمانين واستعد صلاح الدين للحصار وفرق براج السور على أمرائه وسلط السرايا والبعوث عليهم فرأوا ما لا قبل لهم به فتأخروا عن منازلتهم بيافا وأصبحت بقولهم وميرتهم غنائم للمسلمين وبلغهم أن العساكر الشرقية التي مع العادل والأفضل عادت إلى دمشق فعادوا إلى عكا وعزموا على محاصرة بيروت فأمر صلاح الدين ابنه الأفضل أن يسير في العساكر الشرقية إليها فسار وانتهى إلى مرج العيون فلم يبرح الإفرنج من عكا واجتمع عند صلاح الدين خلال ذلك العساكر من حلب وغيرها فسار إلى يافا فحاصرها وملكها عنوة في عشري رجب من السنة ثم حاصر القلعة بقية يومه وأشرفوا على فتحها وكانوا ينتظرون المدد من عكا فشغلوا المسلمين يطلب الأمان إلى الغد فأجابوهم إليه وجاءهم ملك انكلطيرة ليلا وتبعه مدد عكا وبرز من الغد فلم يتقدم إليه أحد من المسلمين ثم نزل بين السماطين وجلس للأكل وأمر صلاح الدين بالحملة عليهم فتقدم أخ المشطوب وكان يلقب بالجناح وقال لصلاح الدين نحن نتقدم للقتال ومماليكك للغنيمة فغضب صلاح الدين وعاد عن الإفرنج إلى خيامه حتى جاء ابنه الأفضل وأخوه العادل فرحل إلى الرملة ينتظر مآل أمره مع الإفرنج وأقاموا بيافا والله تعالى أعلم * (الصلح بين صلاح الدين والإفرنج ومسير ملك انكلطيرة إلى بلاده) * كان ملك انكلطيرة إلى هذه المدة قد طال مغيبه عن بلاده ويئس من بلاد الساحل لان المسلمين استولوا عليه فأرسل إلى صلاح الدين يسأله في الصلح وظن صلاح الدين أن ذلك مكر فلم يجبه وطلب الحرب فألح ملك انكلطيرة في السؤال وظهر صدق ذلك منه فترك ما كان فيه من عمارة عسقلان وغزة والداروم والرملة وبعث إلى الملك العادل بأن بتوسط في ذلك فأشار على صلاح الدين بالإجابة هو وساتر الأمراء لما حدث عند العسكر من الضجر ونفاد النفقات وهلاك الدواب والأسلحة وما بلغهم أن ملك انكلطيرة عائد إلى بلاده وإن لم تقع الإجابة آخر فصل الشتاء امتنع ركوب البحر فيقيم إلى قابل فلما وعى ذلك صلاح الدين وعلم صحته أجاب إلى الصلح وعقد الهدنة مع رسل الإفرنج في
(٣٢٩)