الأفضل بميدان الحصار وضعف أمره واعصوصب الأكراد من عساكره فارتاب بهم الآخرون وانحازوا عنهم في المعسكر ووصل شيركوه صاحب حمص ثم الظاهر صاحب حلب اخر شعبان وأول رمضان لمظاهرة الأفضل وارسل العادل إلى موالي صلاح الدين بالقدس فساروا إليه وقوى بهم ويئس الأفضل وأصحابه وخرج عساكر دمشق ليبيتوهم فوجدوهم حذرين فرجعوا وجاء الخبر إلى العادل بوصول ابنه محمد الكامل إلى حران فاستدعاه ووصل منتصف صفر سنة ست وتسعين فعند ذلك رحلت العساكر عن دمشق وعاد كل منهم إلى بلاده انتهى والله أعلم * (افراج الكامل عن ماردين) * قد كان تقدم لنا مسير العادل إلى ماردين وسار معه صاحب الموصل وغيره من ملوك الجزيرة وديار بكر وفي نفوسهم غصص من تغلب العادل على ماردين وغلبهم فلما عاد العادل إلى دمشق لمدافعة الأفضل وترك ابنه الكامل على حصار ماردين واجتمع ملوك الجزيرة وديار بكر على مدافعته عنها وسار نور الدين أرسلان شاه صاحب الموصل وابن عمه قطب الدين محمد بن زنكى صاحب سنجار وابن عمه قطب الدين سنجار شاه بن غازي صاحب جزيرة ابن عمر واجتمعوا كلهم ببدليس حتى قضوا عيد الفطر وارتحلوا سادس شوال وقاربوا جبل ماردين وكان أهل ماردين قد اشتد عليهم الحصار وبعث النظام برتقش صاحبها إلى الكامل بتسليم القلعة على شروط اشترطها إلى أجل ضربه وأذن لهم الكامل في ادخال الأقوات في تلك المدة ثم جاءه الخبر بوصول صاحب الموصل ومن معه فنزل القائم للقائهم وترك عسكرا بالربض وبعث قطب الدين صاحب سنجار إلى الكامل ووعده بالانهزام فلم يغن ولما التقى الفريقان حمل صاحب الموصل عليهم مستميتا فانهزم الكامل وصعد إلى الربض فوجد أهل ماردين قد غلبوا عسكره الذي هنالك ونهبوا مخلفهم فارتحل الكامل منتصف شوال مجفلا ولحق بميافارقين وانتهب أهل ماردين مخلفه ونزل صاحبها فلقى صاحب الموصل وعاد إلى قلعته وارتحل صاحب الموصل إلى رأس عين لقصد حلوان والرها وبلاد الجزيرة من بلاد العادل فلقيه هنالك رسول الظاهر صاحب حلب يطلبه في السكة والخطبة فارتاب لذلك وكان عازما على نصرتهم فقعد عنهم وعاد إلى الموصل وأرسل إلى الأفضل والظاهر يعتذر بمرض طرقه وهم يومئذ على دمشق ووصل الكامل من ميافارقين إلى حران فاستدعاه أبوه من دمشق وسار إليه في العساكر فأفرج عنه الأفضل والظاهر والله سبحانه وتعالى أعلم * (استيلاء العادل على مصر) *
(٣٣٦)