ثم توفى عماد الدين زنكى بن مودود بن الأتابك زنكى صاحب سنجار والخابور ونصيبين والرقة وسروج وهي التي عوضه صلاح الدين عن حلب لما أخذها منه توفى في محرم سنة أربع وتسعين وملك بعده ابنه قطب الدين وتولى تدبير دولته مجاهد الدين برتقش مولى أبيه وكان دينا خيرا عاد لا متواضعا محبا لأهل العلم والدين معظما لهم وكان متعصبا على الشافعية حتى أنه بنى مدرسة للحنفية بسنجار وكان حسن السيرة والله تعالى أعلم * (استيلاء نور الدين صاحب الموصل نصيبين) * كان عماد الدين صاحب سنجار ونصيبين قد امتدت أيدي نوابه بنصيبين إلى قرى من أعمال الموصل تجاورهم وبعث إليه في ذلك مجاهد الدين قايمان صاحب دولة الموصل يشكو إليه نوابه سرا من سلطانه نور الدين فلج عماد الدين في ادعاء انها من أعماله وأساء الرد فأعاد نور الدين الرسالة إليه مع بعض مشايخ دولته وقد طرقه المرض فأجاب مثل الأول فنصح الرسول وكان من بقية الأتابك زنكى وعاد إلى فأغلظ له في القول واعتزم نور الدين على المسير إلى نصيبين ووصل الخبر اثر ذلك بوفاة عماد الدين وولاية ابنه قطب الدين فقوى طمع نور الدين في نصيبين وتجهز لها في جمادى سنة أربع وتسعين وسار قطب الدين بن سنجر في عسكره فسبقه نور الدين إلى نصيبين فلما وصل لقيه فهزمه نور الدين ودخل إلى قلعة نصيبين مهزوما ثم أسرى منها إلى حران ومعه نائبه مجاهد الدين برتقش وكاتبوا العادل أبا بكر بن أيوب يستحثونه من دمشق وأقام نور الدين بنصيبين حتى وصل العادل إلى الجزيرة ففارقها إلى الموصل في رمضان من السنة وعاد قطب الدين إليها وكان الموتان قد وقع في عسكر نور الدين فمات كثير من أمراء الموصل ومات مجاهد الدين قايمان القائم بالدولة ولما عاد نور الدين إلى الموصل وعاد قطب الدين إلى نصيبين سار العادل إلى ماردين فحاصرها أياما وضيق عليها ثم انصرف والله تعالى أعلم [هزيمة الكامل بن العادل على ماردين أمام نور الدين صاحب الموصل وبنى عمه ملوك الجزيرة] لما رحل العادل عن ماردين كما قدمناه جمر العساكر عليها للحصار مع ابنه الكامل وعظم ذلك على ملوك الجزيرة وديار بكر وخافوا ان ملكها يغلبهم على أمرهم ولم يكن سار من سار معه منهم عند اشتغاله بحرب نور الدين الا تقية لكثرة عساكره فلما رجع إلى دمشق وبقي الكامل على ماردين استهانوا بأمره وطمعوا في مدافعته وأغراهم بذلك
(٢٦٥)