مسرعا ومال إليه أهل البلد ورئيسها مضايل بن ربيع وأدخلوه وملكوه واستنزلوا قزمان من القلعة وأعطوه ألف دينار وبلغوه مأمنه وملك قطلغ القلعة والبلد منتصف احدى وعشرين ثم ساءت سيرته وفحش ظلمه واشتمل عليه الأشرار فاستوحش الناس منه وثاروا به في عيد الفطر من السنة وقبضوا على أصحابه وولوا عليهم بدر الدولة سليمان بن عبد الجبار بن ارتق الذي كان ملكها من قبل وحاصروا قطلغ بالقلعة ووصل حسان صاحب منبج وحسن صاحب مراغة لاصلاح الامر فلم يتم وزحف جوسكين صاحب الرها من الإفرنج إلى حلب فصانعوه بالمال ورجع فزحف صاحب أنطاكية وحاصر البلد وهم يحاصرون القلعة إلى منتصف ذي القعدة من آخر السنة وانتهى عماد الدين زنكى إلى صاحب حران كما ذكرناه فبعث إلى أهل حلب أميرين من أصحابه بتوقيع السلطان له بالموصل والجزيرة والشأم فبادروا إلى الطاعة وسار إليه بدر الدولة ابن عبد الجبار وقطلغ آية وأقام أحد الأميرين بحلب ولما وصلا إلى عماد الدين أصلح بينهما وأقاما عنده وبعث الحاجب صلاح الدين محمدا الباغيسيانى في عسكر إليهما فملك القلعة ورتب الأمور وولى ثم وصل عماد الدين بعده في محرم سنة ثنتين وعشرين وملك في طريقه منبج من يد حسان ومراغة من يد حسن وتلقاه أهل حلب فاستولى وأقطع أعمالها للأمراء والأجناد ثم قبض على قطلغ آية وأسلمه إلى ابن بديع فكحله ومات واستوحش ابن بديع فلحق بقلعة جعفر مستنجدا بصاحبها وأقام عماد الدين مكانه في رياسة حلب علي بن عبد الرزاق وعاد إلى الموصل والله أعلم * (استيلاء الأتابك زنكى على مدينة حماة) * ثم سار عماد الدين زنكى لجهاد الإفرنج وعبر الفرات إلى الشأم واستنجد تاج الملوك بورى بن طغركين صاحب دمشق فأنجده بعد التوثق باستحلافه وبعث عسكره من دمشق إلى ابنه سونج وأمره بالمسير إلى زنكى فلما وصلوا إليه أكرمهم ثم غدر بهم بعد أيام وقبض على سونج والأمراء الذين معه فاعتقلهم بحلب ونهب خيامهم وبادر إلى حماة وهي خلو من الحامية فملكها وسار عنها إلى حمص وصاحبها قيرجان بن قراجا معه في عساكره وهو الذي أشار بحبس سونج وأصحابه فقبض عليه يظن أهل حمص يسلمون بلادهم إليه فامتنعوا وبعث إليهم قيرجان بذلك فلحق إليها فحاصرها مدة وامتنعت عليه فعاد إلى الموصل ومعه سونج بن بورى والله أعلم * (فتح عماد الدين حصن الاثارب وهزيمة الإفرنج) * (1) ولما عاد عماد الدين إلى الموصل أراح عساكره أياما ثم تجهز سنة أربع وعشرين إلى الغزو
(٢٢٥)