نيابته من قلعة الموصل فأصابه الكبر وطرقه العمى والصمم فعزم على مفارقة الموصل إلى كسر بيته بأربل فسلم جميع البلاد التي بيده إلى قطب الدين ما عدا أربل وسار إليها سنة أربع وستين وأقام قطب الدين مكانه فخر الدين عبد المسيح خصيا من موالي جده الأتابك زنكى وحكمه في دولته فنزل بالقلعة وعمرها وكان الخراب قد لحقها باهمال زين الدين أمر البناء والله تعالى أعلم * (حصار نور الدين قلعة الكرك) * ثم بعث صلاح الدين سنة خمس وستين إلى نور الدين محمود يطلب إنفاذ أبيه نجم الدين أيوب إليه فبعثه في عسكر واجتمع إليه خلق من التجار ومن أصحاب صلاح الدين وخشى عليهم نور الدين في طريقهم من الإفرنج فسارت العساكر إلى الكرك وهو حصن اختطه من الإفرنج البرلس ارقاط واختط له قلعة فحاصره نور الدين وجمع له الإفرنج فرحل إلى مقدمتهم قبل أن يتلاحقوا فخاموا عن لقائه ونكصوا على أعقابهم وسار في بلادهم فاكتسحها وخرب ما مر به من القلاع وانتهى إلى بلاد المسلمين حتى نزل حوشب وبعث نجم الدين من هنالك إلى مصر فوصلها منتصف خمس وستين وركب العاضد للقائه ولما كان نور الدين بعشيرا سار للقاء شهاب الدين محمد بن الياس بن أبي الغازي بن ارتق صاحب قلعة أكبره فلما انتهى إلى نواحي بعلبك لقى سرية من الإفرنج فقاتلهم وهزمهم واستلحمهم وجاء بالأسرى ورؤس القتلى إلى نور الدين وعرف الرؤس مقدم الاستبان صاحب حصن الأكراد وكان شحى في قلوب المسلمين وبلغه وهو بهذا المنزل خبر الزلازل التي عمت البلاد بالشأم والموصل والجزيرة والعراق وخربت أكثر البلاد بعمله فسار إليها وشغل في اصلاحها من واحدة إلى أخرى حتى أكملها بمبلغ جهده واشتغل الإفرنج بعمارة بلادهم أيضا خوفا من غائلته والله تعالى أعلم * (وفاة قطب الدين صاحب الموصل وملك ابنه سيف الدين غازي) * ثم توفى قطب الدين مودود بن الأتابك زنكى صاحب الموصل في ذي الحجة سنة خمس وستين لاحدى وعشرين سنة ونصف من ملكه وعهد لابنه الأكبر عماد الدين بالملك وكان القائم بدولته فخر الدين عبد المسيح وكان شديد الطواعية لنور الدين محمود ويعلم ميله عن عماد الدين زنكى بن مودود فعدل عنه إلى أخيه سيف الدين غازي بن مودود بموافقة أمه خاتون بنت حسام الدين تمرتاش بن أبي الغازي ولحق عماد الدين بعمه نور الدين منتصرا به وقام فخر الدين عبد المسيح بتدبير الدولة بالموصل واستبد بها والله
(٢٤٩)