إلى منى فقتلوا بها أيام النحر وعاد بالباقين إلى مصر والله تعالى يؤيد بنصره من يشاء * (وفاة فرخشاه) * ثم توفى عز الدين فرخشاه بن شاهنشاه أخو صلاح الدين النائب عنه بدمشق وكان خليفته في أهله ووثوقه به أكثر من جميع أصحابه وخرج من دمشق غازيا الإفرنج وطرقه المرض وعاد فتوفى في جمادى سنة ثمان وسبعين وبلغ خبره صلاح الدين وقد عبر الفرات إلى الجزيرة والموصل فأعاد شمس الدين محمد بن المقدم إلى دمشق وجعله نائبا فيها واستمر لشأنه والله تعالى يورث الملك لمن يشاء من عباده * (استيلاء صلاح الدين على آمد وتسليمها لصاحب كيفا) * قد تقدم لنا مسير صلاح الدين إلى ماردين واقامته عليها أياما من نواحيها ثم ارتحل عنها إلى آمد كما كان العهد بينه وبين نور الدين صاحب كيفا فنازلها منتصف ذي الحجة وبها بهاء الدين بن بيسان فحاصرها وكانت غاية في المنعة وأساء ابن بيسان التدبير وقبض يده عن العطاء وكان أهلها قد ضجروا منه لسوء سيرته وتضييقه عليهم في مكابسهم وكتب إليهم صلاح الدين بالترغيب والترهيب فتخاذلوا عن ابن بيسان وتركوا القتال معه ونقب السور من خارج بيت ابن بيسان وأخرج نساءه مع القاضي الفاضل يستميل إليه صلاح الدين ويؤجله ثلاثة أيام للرحلة فأجابه صلاح الدين وملك البلد في عاشوراء سنة تسع وسبعين وبنى خيمة بظاهر البلد ينقل إليها ذخيرته فلم يلتفت الناس إليه وتعذر عليه أمره فبعث إلى صلاح الدين يسأله الإعانة فامر له بالدواب والرجال فنقل في الأيام الثلاثة كثيرا من موجوده ومنع بعد انقضاء الاجل عن نقل ما بقي ولما ملكها صلاح الدين سلمها لنور الدين صاحب كيفا وأخبر صلاح الدين بما فيها من الذخائر لينقلها لنفسه فأبى وقال ما كنت لأعطي الأصل وأبخل بالفرع ودخل نور الدين البلد ودعا صلاح الدين وأمراءه إلى صنيع صنعه لهم وقدم لهم من التحف والهدايا ما يليق بهم وعاد صلاح الدين والله تعالى أعلم * (استيلاء صلاح الدين على تل خالد وعنتاب) * ولما فرغ صلاح الدين من آمد سار إلى أعمال حلب فحاصر تل خالد ونصب عليه المجانيق حتى تسلمه بالأمان في محرم سنة تسع وسبعين ثم سار إلى عنتاب فحاصرها وبها ناصر الدين محمد أخو الشيخ إسماعيل الذي كان خازن نور الدين العادل وصاحبه وهو الذي ولاه عليها فطلب من صلاح الدين أن يقرها بيده ويكون في طاعته فأجابه إلى ذلك وحلف له وسار في خدمته وغنم المسلمون خلال ذلك مغانم فمنها في البحر سار أسطول
(٣٠٠)