الخليفة سائر يومهم ثم ارتحلوا من الغد إلى النهروان فعانوا فيها وعاد مسعود من بلاد تكريت إلى بغداد ثم افترق الأمراء وفارقوا العراق ثم عاد البقش كوزحر والطرنطاي وابن دبيس سنة أربع وأربعين ومعهم ملك شاه بن محمود وهو ابن أخي السلطان وطلبوا من الخليفة الخطبة لملك شاه فأبى وجمع العساكر وشغل بما كان فيه من أمر عم السلطان سنجر وذلك أن السلطان سنجر بعث إليه يلومه في تقديم ابن خاص بك ويأمره بابعاده وتهدده فغالطه ولم يفعل فسار إلى الري فبادر إليه مسعود وترضاه فرضى عنه ولما علم البقش كوزحر مراسلة المقتفى لمسعود نهب النهروان وقبض على علي بن دبيس وسار السلطان بعد لقاء عمه إلى بغداد فوصلها منتصف شوال سنة أربع وأربعين فهرب الطرنطاي إلى النعمانية ورحل البقش إلى النهروان بعد أن أطلق علي بن دبيس فجاء إلى السلطان واعتذر فرضى عنه * (وفاة السلطان مسعود وولاية ملك شاه بن أخيه محمود ثم أخيه محمد من بعده) * ثم توفى السلطان مسعود بهمذان في رجب منتصف سبع وأربعين لثنتين وعشرين سنة من طلبه الملك وبه كمل استفحال ملك السلجوقية وركب الخمول دولتهم بعده وكان عهد إلى ملك شاه بن أخيه محمود فلما توفى بايع له الأمير بن خاص بك وأطاعه العسكر وانتهى خبر موته إلى بغداد فهرب الشحنة بلاك إلى تكريت وأمر المقتفى بالحوطة على داره ودور أصحاب السلطان مسعود ثم بعث السلطان ملك شاه عسكرا إلى الجبلة مع سلادكرد من أمرائه فملكها وسار إليه بلاك الشحنة فخادعه حتى استمكن منه فقبض عليه وغرقه واستبد بلاك الشحنة بالجبلة وجهز المقتفى العساكر مع الوزير عون الدين ابن عبيرة إلى الجبلة وبعث عساكرا إلى الكوفة وواسط فملكهما ووصلت عساكر السلطان ملك شاه فملكوها وسار إليها الخليفة بنفسه فارتجعها منهم وسار منها إلى الجبلة ثم إلى بغداد آخر ذي القعدة من السنة ثم إن ابن خاص بك طمع في الانفراد بالأمر فاستدعى محمد بن محمود من خوزستان فأطمعه في الملك ليقبض عليه وعلى أخيه ملك شاه فقبض على ملك شاه أولا لستة أشهر من ولايته ووصل محمد في صفر من سنة ثمان وأربعين فأجلسه على التخت وخطب له بالسلطنة وحمل إليه الهدايا وقد سعى للسلطان محمد بما انطوى عليه ابن خاص بك فلما باكره صبيحة وصوله فتك به وقتله وقتل معه زنكى الجاندار فاتل طغابرك وأخذ من أموال ابن خاص بك كثيرا وكان صببا كما بينا اتصل بالسلطان مسعود وتنصح له فقدمه على سائر العساكر والأمراء وكان أنوغرى لتركي المعروف بشملة في جملة ابن خاص بك ومن أصحابه ونهاه عن الدخول إلى السلطان محمد فلما قتل ابن خاص بك نجا شملة إلى خوزستان وكان له بها بعد ذلك ملك والله أعلم
(٦٩)