خلاط فتسلمها أبو الغازي ولم تزل في يده إلى أن ملكها صلاح الدين بن أيوب سنة ثمانين وخمسمائة والله تعالى أعلم * (واقعة مالك بن بهرام مع جوسكين صاحب الرها) * قد تقدم لنا أن جوسكين من الإفرنج كان صاحب الرها وسروج وأن مالك بن بهرام كان قد ملك مدينة غانة فسار سنة خمس عشرة إلى الرها وحاصرها أياما فامتنعت عليه وسار جوسكين في اتباعه بعد أن جمع الإفرنج وقد تفرق عن مالك أصحابه ولم يبق معه الا أربعمائة فلحقوه في أرض رخوة قد نضب عنها الماء فوحلت فيها خيولهم ولم يقدروا على التخلص فظفر بهم أصحاب مالك وأسروهم وجعل جوسكين في إهاب جمل وخيط عليه وطلبوا منه تسليم الرها فلم يفعل وحبسه في خرت برت بعد أن بذل في فديته أموالا فلم يفادوه والله تعالى يؤيد بنصره من يشاء من عباده * (وفاة أبى الغازي وملك بنيه من بعده) * ثم توفى أبو الغازي بن ارتق صاحب ماردين في رمضان سنة ست عشرة وخمسمائة فولى بعده بماردين ابنه حسام الدين تمرتاش وملك سليمان ميافارقين وكان بحلب سليمان ابن أخيه عبد الجبار فاستولى عليها ثم سار مالك بن بهرام بن ارتق إلى مدينة حران فحاصرها وملكها وبلغه ان سليمان ابن عمه عبد الجبار صاحب حلب قد عجز عن مدافعة الإفرنج وأعطاهم حصن الامارى فطمع في ملك بلاده وسار إليها في ربيع سنة ست عشرة وملكها من يده على الأمان ثم سار سنة ثمان عشرة إلى منبج وحاصرها وملك المدينة وحبس صاحبها حسان التغلبي وامتنع أهلها بالقلعة فحاصرها وسمع الإفرنج بذلك فساروا إليه فترك على القلعة من يحاصرها ونهض إليهم فهزمهم وأثخن فيهم وعاد إلى منبج فحاصرها وأصابه بعض الأيام سهم غرب فقتله فاضطرب العسكر وافترقوا وخلص حسان من محبسه وكان تمرتاش بن أبي الغازي صاحب ماردين معه على منيج فلما قتل حمل شلوه إلى حلب ودفنه بها واستولى عليها ثم استخلف عليها وعاد إلى ماردين وجاء الإفرنج إلى مدينة صور فملكوها وطمعوا في غيرها من بلاد المسلمين ولحق بهم دبيس بن صدقة ناجيا من واقعته مع المسترشد فأطمعهم في ملك حلب وساروا معه فحاصروها وبنوا عليها المساكن وطال الحصار وقلت الأقوات واضطرب أهل البلد وظهر لهم العجز من صاحبهم ولم يكن في الوقت أظهر من البرسقي صاحب الموصل ولا أكثر قوة وجمعا منه فاستدعوه ليدافع عنهم ويملكوه وشرط عليهم أن يمكنوه من القلعة قبل وصوله ونزل فيها بوابه وسار فلما أشرف على الإفرنج ارتحلوا عائدين إلى
(٢١٦)