وسبعين فخاطبه جلال الدين الوزير في ذلك مخاطبة بليغة وحذره ورغبه فعاود الطاعة وبادر إلى الحضور بالموصل والله تعالى ينصر من يشاء من عباده * (نكبة كمستكين الخادم ومقتله) * كان سعد الدين كمستكين الخادم قائما بدولة الملك الصالح في حلب وكان يناهضه فيها أبو صالح العجمي فقدم عند نور الدين وعند ابن الملك الصالح وتجاوز مراتب الوزير فعدا عليه بعض الباطنية فقتله وخلا الجو لكمستكين وانفرد بالاستبداد على الصالح وكثرت السعاية فيه بحجر السلطان والاستبداد عليه وأنه قتل وزيره فقبض عليه وامتحنه وكان قد أقطعه قلعة حارم فامتنع بها أصحابه وأرادهم الصالح على تسليمها فامتنعوا وهلك كمستكين في المحنة وطمع فيها وساروا إليها وحاصروها وصانعهم الصالح بالمال فرجعوا عنها وبعث هو عساكره إليها وقد جهدهم الحصار فسلموها له وولى عليها والله تعالى أعلم * (وفاة الصالح إسماعيل واستيلاء ابن عمه عز الدين مسعود على حلب) * ثم توفى الملك الصالح إسماعيل بن نور الدين محمود صاحب حلب في منتصف سنة سبع وسبعين لثمان سنين من ولايته وعهد بملكه لابن عمه عز الدين مسعود صاحب الموصل واستحلف أهل دولته على ذلك بعضهم بعماد الدين صاحب سنجار أخي عز الدين الأكبر لمكان صهره على أخت الصالح وأن أباه نور الدين كان يميل إليه فأبى وقال عز الدين أنا أقدر على مدافعة صلاح الدين عن حلب فلما قضى نحبه أرسل الأمراء بحلب إلى عز الدين مسعود يستدعونه هو ومجاهد الدين قايمان إلى الفرات ولقى هنالك أمراء حلب وجاؤوا معه فدخلها آخر شعبان من السنة وصلاح الدين يومئذ بمصر بعيدا عنهم وتقى الدين عمر بن أخيه في منبج فلما أحسن بهم فارقها إلى حماة وثار به أهل حماة ونادوا بشعار عز الدين وأشار أهل حلب عليه بقصد دمشق وبلاد الشأم وأطمعوه فيها فأبى من أجل العهد الذي بينه وبين صلاح الدين ثم أقام بحلب شهورا وسار عنها إلى الرقة والله تعالى أعلم * (استيلاء عماد الدين على حلب ونزوله عن سنجار لأخيه عز الدين) * ولما انتهى عز الدين إلى الرقة منقلبا من حلب وافقه هنالك رسل أخيه عماد الدين صاحب سنجار يطلب منه أن يملكه مدينة سنجار وينزل هو له عن حلب فلم يجبه إلى ذلك فبعث عماد الدين إليه بأنه يسلم سنجار إلى صلاح الدين فحمل الأمراء حينئذ على
(٢٥٨)