عيسى مكان أخيه مهنا ووصل الأمراء إلى مصر فقبض عليهم جميعا وعلى أقوش الأشرفي نائب دمشق وولى مكانه تنكز الناصري سنة ثنتي عشرة وجعل له الولاية على سائر الممالك الاسلامية وقبض على نائبه بمصر بيبرس الدوادار وحبسه بالكرك وولى مكانه أرغون الدوادار وعسكر بظاهر القلعة وارتحل بعد عيد الفطر من السنة فلقيه الخبر أثناء طريقه بأن خربندا وصل إلى الرحبة ونازلها وانصرف عنها راجعا فانكفأ السلطان إلى دمشق وفرق العساكر بالشأم ثم سار إلى الكرك واعتزم على قضاء فرضه تلك السنة وخرج حاجا من الكرك ورجع سنة ثلاث عشرة إلى الشأم وبعث إلى مهنا بن عيسى يستميله وعاد الرسول بامتناعه ثم لحق سنة ست عشرة بخربندا وأقطعه بالعراق وأقام هنالك فلم يرجع الا بعد مهلك خربندا والله سبحانه وتعالى أعلم [رجوع حماة إلى بنى المظفر شاهنشاه بن أيوب ثم لبنى الأفضل منهم وانقراض أمرهم] قد كان تقدم لنا أن حماة كانت من اقطاع تقى الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب أقطعه إياها عمه صلاح الدين بن أيوب سنة أربع وسبعين وخمسمائة فلم تزل بيده إلى أن توفى سنة سبع وثمانين وخمسمائة فأقطعها ابنه ناصر الدين محمدا ولقبه المنصور وتوفى سنة سبع عشرة وستمائة بعد عمه صلاح الدين والعادل فوليها ابنه قليج أرسلان ويلقب الناصر سنة ست وعشرين وكان أخوه المظفر ولى عهد أبيه عند الكامل بن العادل فجهزه بالعساكر من دمشق وملكها من يد أخيه وأقام بها إلى أن هلك سنة ثلاث وأربعين وولى ابنه محمد ويلقب المنصور ولم يزل في ولايتها إلى أن سار يوسف بن العزيز ملك الشأم من بنى أيوب هاربا إلى مصر أيام التتر فسار معه المنصور صاحب حماة وأخوه الأفضل ثم خشى من الترك بمصر فرجع إلى هلاكو واستمر المنصور إلى مصر فأقام بها وملك هلاكو الشأم وقتل الناصر وسائر بني أيوب كما مر ثم سار قطز إلى الشأم عند ما رجع هلاكو عنه عندما شغل عنه بفتنة قومه فارتجعه من ملكة التتر وولى على قواعده وأمصاره ورد المنصور إلى حماة فلم يزل واليا عليها وحضر واقعة قلاون على التتر بحمص سنة ثلاثين وكان يتردد إلى مصر سائر أيامه ويخرج مع البعوث إلى بلاد الأرمن وغيرها ويعسكر مع ملوك مصر متى طلبوه لذلك ثم توفى سنة ثلاث وثمانين وأقر قلاون ابنه المظفر على ما كان أبوه وجرى هو معهم على سننه إلى أن توفى سنة ثمان وتسعين عندما بويع الناصر محمد بن قلاون بعد لاشين وانقطع عقب المنصور فولى السلطان عليها قراسنقر من أمراء الترك نقله إليها من الضبينة وأمره باستقرار بنى أيوب وسائر الناس على اقطاعاتهم ثم كان استيلاء قازان على الشأم ورجوعه سنة تسع وتسعين
(٤٢٦)