صاحب ماردين فتوفى وملك ابنه طفلا صغيرا بعده ورد أمرها إلى شاهرين صاحب خلاط وأنزل بها عسكره فطمع فيها صلاح الدين بعد وفاة شاهرين وحاصرها من أول جمادى سنة احدى وثمانين وعلى أجنادها الأمير أسد الدين برينقش فأحسن الدفاع وكان بالبلد زوجة قطب الدين المتوفى ومعها بناتها منه وهي أخت نور الدين صاحب كيفا فراسلها صلاح الدين بأن برينقش قد مال إليها في تسليم البلد ونحن ندعى حق أخيك نور الدين فأزوج بناتك من أبنائي وتكون البلد لنا ووضع على برنيقش من أخبره بأن الخاتون مالت إلى صلاح الدين وان أهل خلاط كاتبوه وكان خبر أهل خلاط صحيحا فسقط في يده وبعث في التسليم على شروط اشترطها من اقطاع ومال وسلم البلد فملكها صلاح الدين وعقد النكاح لبعض ولده على بعض بنات خاتون وأنزلها وبناتها بقلعة هقناج وعاد إلى الموصل ومر بنصيبين وانتهى إلى كفر أرمان واعتزم على أن يشتوا به ويقطع جميع ضياع الموصل ويجبى أعمالها ويكتسح غلاتها وجنح مجاهد الدين إلى مصالحته وترددت الرسل في ذلك على أن يسلم إليه عز الدين شهر زور وأعمالها وولاية الغرابلى وما وراء الزاب من الاعمال ثم طرقه المرض فعاد إلى حران وأدركه الرسل بالإجابة إلى ما طلب فانعقد هنالك وتحالفوا وتسلم البلاد وطال مرضه بحران وكان عنده أخوه العادل وبيده حلب وبها الملك العزيز عثمان بن صلاح الدين واشتد به المرض فقسم البلاد بين أولاده وأوصى أخاه العادل على الجميع وعاد إلى دمشق في محرم سنة ثنتين وثمانين وكان عنده بحران ناصر الدين محمد بن عمه شيركوه ومن اقطاعه حمص والرحبة فعاد قبله إلى حمص ومر بحلب وصانع جماعة من أمرائها على أن يقوموا بدعوته ان حدث بصلاح الدين أمر وبلغ إلى حمص فبعث إلى أهل دمشق بمثل ذلك وأفاق صلاح الدين من مرضه ومات ناصر الدين ليلة الأضحى ويقال دس عليه من سمه وورث أعماله ابنه شيركوه وهو ابن اثنتي عشرة سنة والله تعالى أعلم * (قسمة صلاح الدين الاعمال بين ولده وأخيه) * كان ابنه العزيز عثمان بحلب في كفالة أخيه العادل وابنه الأكبر الأفضل على بمصر في كفالة تقى الدين عمر ابن أخيه شاهنشاه بعثه إليها عندما استدعى العادل منها كما مر فلما مرض بحران أسف على كونه لم يول أحدا من ولده استقلالا وسعى إليه بذلك بعض بطانته فبعث ابنه عثمان العزيز إلى مصر في كفالة أخيه العادل كما كان بحلب ثم اقطع العادل حران والرها وميافارقين من بلاد الجزيرة وترك عثمان ابنه بمصر ثم بعث عن ابنه الأفضل وتقى الدين ابن أخيه فامتنع تقى الدين من الحضور واعتزم على المسير إلى المغرب واللحاق بمولاه قراقوش في ولايته التي حصلت له بطرابلس والجريد
(٣٠٤)