منطاش إلى عنتاب من قلاع حلب ونائبها محمد بن شهري فملكها واعتصم نائبها بالقلعة أياما ثم ثبت منطاش وأثخن في أصحابه وقتل جماعة من أمرائه وكانت العساكر قد جاءت من حلب وحماة وصفد لقتاله فهرب إلى مرعش وسار منها إلى بلاد الروم واضمحل أمره وفارقه جماعة من أصحابه إلى العساكر وراجعوا طاعة السلطان آخر ذي العقدة من سنة ثنتين وسبعين وبعث سولى بن دلقادر أمير التركمان في عشر ذي الحجة يستأمن إلى السلطان فأمنه وولاه على البلستين كما كان والله سبحانه وتعالى أعلم * (قدوم كمشيقا من حلب) * قد كان تقدم لنا أن كمشيقا الحموي رأس نوبة بيبقا كان نائبا بطرابلس وان السلطان عزله وحبسه بدمشق فلما استولى الناصري على دمشق أطلقه من الاعتقال وجاء في جملته إلى مصر فلما ولى على ممالك الشأم وأعمالها ولاه على حلب مكانه منتصف احدى وسبعين ولما استقل السلطان من النكبة وقصد دمشق كما مر أرسل كمشيقا إليه بطاعته ومشايعته على أمره وأظهر دعوته في حلب وما إليها من أعماله ثم سار السلطان إلى دمشق وحاصرها وأمده كمشيقا بجميع ما يحتاج إليه ثم جاءه بنفسه في عساكر حلب صريخا وحمل إليه جميع حاجاته وأزاح علله وأقام له رسوم ملكه وشكر السلطان أفعاله في ذلك وعاهده على أتابكية مصر ثم كانت الواقعة على شقحب فانهزم كمشيقا إلى حلب فامتنع بها وحاصره يمازتمر أتابك منطاش أشهرا كما مر ثم هرب منطاش من دمشق إلى العرب فأفرج يمازتمر عن حلب ثم كانت واقعة الجوباني ومقتله وزحف منطاش ويعبر إلى حلب فحاصروها مدة ثم وقع الخلاف بينهما وهرب منطاش إلى بلاد التركمان ورجع يعبر إلى بلده سلمية واستأمن إلى السلطان ورجع إلى طاعته منتصف شوال ولما أفرجوا عن حلب نزل كمشيقا من القلعة ورم خرابها وخرب بانقوسا واستلحم أهلها وأخذ في اصلاح أسوار حلب ورم ما ثلم منها وكانت خرابا من عهد هلاكو وجمع له أهل حلب ألف ألف درهم للنفقة فيه وفرغ منه لثلاثة أشهر ولما استوسق أمر السلطان وانتظمت دولته بعث إليه يستدعيه في شهر ذي الحجة سنة ثنتين وتسعين وولى مكانه في حلب قراد مرداش نقله إليها من طرابلس وولى مكانه انيال الصغير فسار كمشيقا من حلب ووصل مصر تاسع صفر سنة ثلاث وتسعين فاهتز له السلطان وأركب الأمراء للقائه مع النائب ثم دخل إلى السلطان فحياه وبالغ في تكرمته وتلقاه بالرحب ورفع مجلسه فوق الأتابك انيال وأنزله بيت منجك وقد هيأ فيه من الفرش والماعون والخرثي ما فيه للمنزل ثم بعث إليه بالأقمشة وقرب إليه
(٤٩٩)