إلى نصيبين في ربيع من السنة فشتى بها حتى ضجرت العساكر من طول المقام وسار إلى حلب فخرجت إليه عساكر الملك الصالح مع كمستكين الخادم وسار صلاح الدين من دمشق للقائهم فلقيهم قبل السلطان فهزمهم واتبعهم إلى حلب وعبر سيف الدين الفرات منهزما إلى الموصل وترك أخاه عز الدين بحلب واستولى صلاح الدين على مخلفهم وسار إلى مراغة فملكها وولى عليها ثم إلى منبج وبها قطب الدين نيال بن حسان المنبجي وكان حنقا عليه لقبح آثاره في عداوته فلحق بالموصل وولاه غازي مدينة الرقة ثم سار صلاح الدين إلى قلعة عزاز فحاصرها أوائل ذي القعدة من السنة أربعين يوما وشد حصارها فاستأمنوا إليه فملكها ثاني الأضحى من السنة وثب عليه في بعض أيام حصارها باطني من الفداوية فضربه وكان مسلحا فأمسك يد الفداوي حتى قتل وقتل جماعة كانوا معه لذلك ورحل صلاح الدين بعد الاستيلاء على قلعة عزاز إلى حلب فحاصرها وبها الملك الصالح واعصوصب عليه أهل البلد واستماتوا في المدافعة عنه ثم ترددت الرسل في الصلح بينهما وبين صاحب الموصل وكيفا وصاحب ماردين فانعقد بينهم في محرم سنة ثنتين وتسعين وعاد صلاح الدين إلى دمشق بعد أن رد قلعة عزاز إلى الملك الصالح بوسيلة أخته الصغيرة خرجت إلى صلاح الدين ثائرة فاستوهبته قلعة عزاز فوهبها لها والله تعالى أعلم * (مسير صلاح الدين إلى بلاد الإسماعيلية) * ولما رحل صلاح الدين عن حلب وقد وقع من الإسماعيلية على حصن عزاز ما وقع قصد بلادهم في محرم سنة ثنتين وتسعين ونهبها وخربها وحاصر قلعة باميان ونصب عليها المجانيق وبعث سنان مقدم الإسماعيلية بالشأم إلى شهاب الدين الحارمي خال صلاح الدين بحماة يسأله الشفاعة فيهم ويتوعده بالقتل فشفع فيهم وأرحل العساكر عنهم وقدم عليه أخوه توران شاه من اليمن بعد فتحه واظهار دعوتهم فيه وولى على مدنه وأمصاره فاستخلفه صلاح الدين على دمشق وسار إلى مصر لطول عهده بها أبو الحسن ابن سنان بن سقمان بن محمد ولما وصل إليها أمر بإدارة سور على مصر القاهرة والقلعة التي بالجبل دوره تسعة وعشرون ألف ذراع ثلثمائة ذراع بالهاشمي واتصل العمل فيه إلى أن مات صلاح الدين وكان متولى النظر فيه مولاه قراقوش والله تعالى ولى التوفيق * (غزوات بين المسلمين والإفرنج) * كان شمس الدين محمد بن المقدم صاحب بعلبك وأغار جمع من الإفرنج على البقاع من
(٢٩١)