عشرين من شعبان سنة ثمان وثمانين لمدة أربعة وأربعين شهرا فتحالفوا على ذلك وأذن صلاح الدين للإفرنج في زيارة القدس وارتحل ملك انكلطيرة في البحر عائدا إلى بلده وأقام الكندهرى صاحب صور بعد المركيش ملكا على الإفرنج بسواحل الشأم وتزوج الملكة التي كانت تملكهم قبله وقبل صلاح الدين كما مر وسار صلاح الدين إلى القدس فأصلح أسواره وأدخل كنيسة صهيون في البلد وكانت خارج السور واختص المدارس والربط والمارستان ووقف عليها الأوقاف واعتزم على الاحرام منه للحج فاعترضته القواطع دون ذلك فسار إلى دمشق خامس شوال واستخلف عليه الأمير جرديك من موالي نور الدين ومر بكفور المسلمين نابلس وطبرية وصفد وبيروت ولما انتهى إلى بيروت أتاه بها سمند صاحب أنطاكية وطرابلس وأعمالها فالتزم طاعة صلاح الدين وعاد ودخل صلاح الدين دمشق في الخامس والعشرين من شوال وسر الناس بقدومه ووهن العدو والله سبحانه وتعالى أعلم * (وفاة صلاح الدين وحال ولده وأخيه من بعده) * ولما وصل صلاح الدين إلى دمشق وقد خف من شواغل الإفرنج بوهنهم وما عقد من الهدنة فأراح قليلا ثم اعتزم على احداث الغزو فاستشار ابنه الأفضل وأخاه العادل في مذهبه فأشار العادل بخلاط لأنه كان وعده أن يقطعه إياها إذا ملكها وأشار الأفضل ببلاد الروم إيالة بنى قليج أرسلان لسهولة أمرها واعتراض الإفرنج فيها إذا قصدوا الشأم لأنها طريقهم فقال لأخيه تذهب أنت لخلاط في بعض ولدى وبعض العسكر وأذهب أنا إلى بلاد الروم فإذا فرغت منها لحقت بكم فسرنا إلى آذربيجان ثم إلى بلاد العجم وأمره بالمسير إلى الكرك وهي من أقطاعه ليتجهز منها ويعود لشأنه فسار إلى الكرك ومرض صلاح الدين بعده ومات في صفر سنة تسع وثمانين وخمسمائة لخمس وعشرين سنة من ملكه مصر رحمه الله تعالى وكان معه بدمشق ابنه الأفضل نور الدين والعساكر عنده فملك دمشق والساحل وبعلبك وصرخد وبصرى وبانياس وشوش وجميع الاعمال إلى الداروم وكان بمصر ابنه العزيز عثمان فاستولى عليها وكان بحلب ابنه الظاهر غازي فاستولى عليها وعلى أعمالها مثل حارم وتل باشر وعزاز وبرزية ودربساك وغيرها وأطاعه صاحب حماة ناصر الدين محمد بن تقى الدين عمر بن شيركوه وله مع حماة سلمية والمعرة ومنبج وابن محمد بن شيركوه وله مع الرحبة حمص وتدمر وببعلبك بهرام شاه بن فرخشاه ابن شاهنشاه ولقيه الأمجد وببصرى الظافر بن صلاح الدين ولقبه الأمجد مع أخيه الأفضل وشيرز سابق الدين عثمان بن الداية وبالكرك والشوبك الملك العادل وبلغ الخبر
(٣٣٠)