[حصار الأتابك زنكى قلعة آمد واستيلاؤه على قلعة النسور ثم حصار قلاع الحميدية] وفي سنة ثمان وعشرين وخمسمائة اجتمع الأتابك زنكى صاحب الموصل وصاحب ماردين على حصار آمد واستنجد صاحبها بداود بن سقمان صاحب كيفا فجمع العساكر وسار إليهما ليدافعهما عنه وقاتلاه فهزماه وقتل كثير من عسكره وأطالا حصار آمد وقطعا شجرها وكرومها وامتنعت عليهما فرحلا عنها وسار زنكى إلى قلعة النسور من ديار بكر فحاصرها وملكها منتصف رجب من السنة ووفد عليه ضياء الدين أبو سعيد ابن الكفرتوني فاستوزره الأتابك وكان حسن الطريقة عظيم الرياسة والكفاية محببا في الجند وتوفى سنة ست وثلاثين بعدها ثم استولى الأتابك على سائر قلاع الأكراد الحميدية مثل قلعة العقر وقلعة سوس وغيرهما وكان لما ملك الموصل أمر صاحب هذه القلاع الأمير عيسى الحميري على ولايتها فلما حاصر المسترشد الموصل قام في خدمته أحسن القيام وجمع له الأكراد فلما عاد المسترشد إلى بغداد من قتال الأتابك زنكى فحاصر قلاعهم وحاصرتها العساكر وقاتلوها قتالا شديدا حتى ملكوها في هذه السنة ورفع الله شرهم عن أهل السواد المحاربين لهم فقد كانوا منهم في ضيقة من كثرة عيثهم في البلاد وتخريبهم والله تعالى أعلم * (استيلاء الأتابك على قلاع الهكارية وقلعة كواشى) * حدث ابن الأثير عن الجنيبي أن الأتابك زنكى لما ملك قلاع الحميدية وأجلاهم عنها خاف أبو الهيجاء من عبد الله على قلعة أشب والجزيرة وكواشى فاستأمن الأتابك واستحلفه وحمل له مالا ثم وفد عليه بالموصل بعد أن اخرج ابنه أحمد من أشب خشية أن يغلب عليها وأعطاه قلعة كواشى وولى على أشب رجلا من الكرد واسمه باد الأرمني وابنه أحمد هذا هو أبو علي بن أحمد المشطوب من أمراء السلطان صلاح الدين ولما مات أبو الهيجاء واسمه موسى وسار أحمد إلى أشب ليملكها فامتنع عليه باد وأراد حفظها لعلى الصغير من بنى أبى الهيجاء فسار الأتابك زنكى في عساكره ونزل على أشب وبرز أهلها لقتاله واستجرهم حتى أبعد واثم كر عليهم فأفناهم قتلا وأسرا وملك القلعة في الحال وسيق إليه باد في جماعة من مقدمي الأكراد وقتلهم وعاد إلى الموصل ثم سار غازيا في بعض مذاهبه فبعث نائبه نصر الدين جقرى عسكرا وخلى كنجاورسى قلعة العمادية وحاصروا قلعة الشغبان وفرح وكواشى والزعفراني والغي وسرق وسفروه وهي حصون الهكارية فحصرها وملكها جميعا واستقام أمر الجبل والزوزان
(٢٢٩)