بظاهرها محاصرين لهم وبعث الروم صريخا إلى صاحب قونية ركن الدين سليمان بن قليج أرسلان فلم ينهض لذلك وكان بالمدينة متخلفون من الإفرنج يناهزون ثلاثين ألفا فثاروا بالبلد عند شغل الروم بقتال أصحابهم وأضرموا النار ثانيا فاقتحم الإفرنج وأفحشوا في النهب والقتل ونجا كثير من الروم إلى الكنائس وأعظمها كنيسة سوميا فلم تغن عنهم وخرج القسيسون والأساقفة في أيديهم الإنجيل والصلبان فقتلوهم ثم تنازع الملوك الثلاثة على الملك بها وتقارعوا فخرجت القرعة على كبداقليد فملكها على أن يكون لدموس البنادقة الجزائر البحرية اقريطش ورودس وغيرهما ويكون لمركيش الافرنسيس شرقي الخليج ولم يحصل أحد منهم شيئا الا ملك القسطنطينية كبداقليد وتغلب على شرقي الخليج بطريق من بطارقة الروم اسمه شكري فلم يزل بيده إلى أن مات ثم غلب بعد ذلك على القسطنطينية وملكها من يد الإفرنج والله غالب على أمره [الخبر عن دولة بنى ارتق وملكهم لماردين وديار بكر ومبادي أمورهم وتصاريف أحوالهم] كان ارتق بن اكسك ويقال اكست والأول أصح كلمة أولها همزة ثم كافان الأولى ساكنة بينهما سين من مماليك السلطان ملك شاه بن البارسلان ملك السلجوقية وله مقام محمود في دولتهم وكان على حلوان وما إليها من أعمال العراق ولما بعث السلطان ملك شاه عساكره إلى حصار الموصل مع فخر الدولة بن جهير سنة سبع وسبعين وأربعمائة أردفه بعسكر آخر مع أرتق فهزمه مسلم بن قريش فحاصره بآمد ثم داخله في الخروج من هذا الحصار على مال اشترطه ونجا إلى الرقة ثم خشى ارتق من فعلته تلك فلحق بتتش حتى سار إلى حلب طامعا في ملكها فلقيه تتش وهزمه وكان لارتق في تلك الواقعة المقام المحمود ثم سار تتش إلى حلب وملكها واستجار مقدمها ابن الحسين بارتق فأجاره من السلطان تتش ثم هلك ارتق سنة ثلاث وثمانين بالقدس وملكه من بعد ارتق ابناه أبو الغازي وسقمان وكان لهما معه الرها وسروج ولما ملك الإفرنج أنطاكية سنة احدى وتسعين وأربعمائة اجتمعت الأمراء بالشأم والجزيرة وديار بكر وحاصروها وكان لسقمان في ذلك المقام المحمود ثم تخاذلوا وافترقوا وطمع أهل مصر في ارتجاع القدس منهم وسار إليها الملك الأفضل المستولي على دولتهم فحاصرها أربعين يوما وملكها بالأمان وخرج سقمان وأبو الغازي ابنا ارتق وابن أخيهما ياقوتي وابن عمهما سونج وأحسن إليهم الأفضل وولى على بيت المقدس ورجع إلى مصر وجاء الإفرنج فملكوها كما تقدم في أخبار الدولة السلجوقية ولحق أبو الغازي بالعراق فولى شحنة بغداد وسار
(٢١٠)