أنطاكية ودخل ملكهم ليغتسل في نهر هنالك فغرق وملك بعده ابنه ولما بلغوا أنطاكية اختلفوا فبعضهم مال إلى تمليك أخيه وبعضهم مال إلى العود فعادوا كلهم وسار ابن الملك فيمن ثبت معه يزيدون على أربعين ألفا وأصلبهم الموتان وحسن إليهم صاحب أنطاكية المسير إلى الإفرنج على عكا فساروا على جبلة واللاذقية ومروا بحلب وتخطف أهلها منهم خلقا وبلغوا طرابلس وقد أفناهم الموتان ولم يبق منهم الا نحو ألف رجل فركبوا البحر إلى عكا ثم رأوا ما هم فيه من الوهن والخلاف فركبوا البحر إلى بلدهم وغرقت بهم المراكب ولم ينج منهم أحد وكان الملك قليج أرسلان يكاتب صلاح الدين بأخبارهم ويعده بمنعهم من العبور عليه فلما عبروا اعتذر بالعجز عنهم وافتراق أولاده واستبدادهم عليه وأما صلاح الدين فإنه استشار أصحابه عند وصول خبرهم فأشار بعضهم إلى لقائهم في طريقهم ومحاربتهم وأشار آخرون بالمقام لئلا يأخذ الإفرنج عكا ومال صلاح الدين إلى هذا الرأي وبعث العساكر من جبلة واللاذقية وشيزر إلى حلب ليحفظوها من عاديتهم والله تعالى ولى التوفيق * (واقعة المسلمين مع الإفرنج على عكا) * ثم زحف الإفرنج على عكا في عشر من جمادى الأخيرة من سنة ست وثمانين وخرجوا من خنادقهم إلى عساكر صلاح الدين وقصد العادل أبو بكر بن أيوب في عساكر مصر فاقتتلوا قتالا شديدا حتى كشفهم الإفرنج عن الخيام وملكوها ثم كر عليهم المصريون فكشفوهم عن خيامهم وخالفهم بعض عساكر مصر إلى الخنادق فقطعوا عنهم بعض مدد أصحابهم فأخذتهم السيوف وقتل منهم ما يزيد على عشرين ألفا وكانت عساكر الموصل قريبا من عسكر مصر ومقدمهم علاء الدين خوارزم شاه بن عز الدين مسعود صاحب الموصل فعدمت جرتهم وأمر صلاح الدين بمناجزتهم على هذا الحال وبلغه الخبر بموت الألمان وما أصاب قومه من الشتات فسر المسلمون بذلك وظنوا وهن الإفرنج به ثم بعد يومين لحقت بالإفرنج امداد في البحر مع كند من الكنود يقال له الكند هرى ابن أخي الاقرسيس لأبيه وابن أخي ملك انكلطيرة لامه ففرق في الإفرنج أموالا وجند لهم أجنادا ووعدهم بوصول الامداد على أثره فاعتزموا على الخروج لقتال المسلمين فانتقل صلاح الدين من مكانه إلى الحزونة لثلاث بقين من جمادى الأخيرة لضيق المجال ونتن المكان من جيف القتلى ثم نصب الكند هرى على عكا مجانيق وذبابات فأخذها أهل عكا وقتلوا عندها جموعا من الإفرنج فلم يتمكن من ذلك ولا من الستائر عليها لان أهل البلاد كانوا يصيبونها فعمل تلا عاليا من التراب ونصب المجانيق من ورائه وضاقت الأحوال وقلت الميرة
(٣٢٢)