كان ذو الحجة سنة تسع وسبعين استعجل أصحابه على غير روية وبعثوا إليه فأحجم وقعد عن الركوب واجتمع برقوق وبركة بالإصطبل إليه وقاتل مماليك طشتمر بالرميلة ساعة من نهار وانهزموا وافترقوا واستأمن طشتمر فأمنوه واستدعوه إلى القلعة فقبضوا عليه وعلى جماعة من أصحابه منهم اطلمش الأرغوني ومدلان الناصري وأمير حاج بن مغلطاي ودواداره أرغون وبعث بهم إلى الإسكندرية فحبسوا بها وبعث معهم بيبقا الناصري كذلك ثم أفرج عنه لأيام وبعثه نائبا على طرابلس ثم أفرج عن طشتمر بعد ذلك إلى دمياط ثم إلى القدس إلى أن مات سنة سبع وثمانين واستقامت الدولة للأميرين بعد اعتقالهما وخلت لهما من المنازعين وولى الأمير برقوق أتابكا وولى الماخورية الجابي الشمسي وولى قريبه انيال أمير سلاح مكان بيبقا الناصري وولى أقتمر العثماني دوادار مكان اطلمش الأرغوني وولى الطنبقا الجوباني رأس نوبة ثانيا ودمرداش أمير مجلس وتوفى بيبقا النظامي نائب حلب فولى مكانه عشقتمر المارداني ثم استأذن فأذن له وحبس بالإسكندرية وولى مكانه بحلب تمرتاشى الحسيني الدمرداشي ثم أفرج عنه وأقام بالقدس قليلا ثم استدعاه بركة وأكرم نزله وبعثه نائبا إلى حلب * (ثورة انيال ونكبته) * كان انيال هذا أمير سلاح وكان له مقام في الدولة وهو قريب الأمير برقوق وكان شديد الانحراف على الأمير بركة ويحمل قريبه على منافرته ولا يجيبه إلى ذلك فاعتزم على الثورة وتحين لها سفر الأمير بركة إلى البحيرة يتصيد فركب الأمير برقوق في بعض تلك الأيام متصيدا بساحة البلد فرأى أن قد خلا له الجو فركب وعمد إلى باب الإصطبل فملكه ومعه جماعة من مماليكه ومماليك الأمير برقوق وتقبضوا على أمير الماخورية جركس الخليلي واستدعوا السلطان المنصور ليظهروه للناس فمنعه المقدمون من باب الستارة وجاء الأمير برقوق من صيده ومعه الأتابك الشمسي فوصلوا إلى منزله خارج القلعة وأفرغوا السلاح على سائر مماليكهم وركبوا إلى ساحة الإصطبل ثم قصدوا إلى الباب فأحرقوه وتسلق الأمير قرطاي المنصوري من جهة باب السر وفتحه لهم فدخلوا منه ودافعوا انيال وانتقض عليه المماليك الذين كانوا معه من مماليك الأمير برقوق ورموه بالسهام فانهزم ونزل إلى بيته جريحا وأحضر إلى الأمير برقوق فاعتذر له بأنه لم يقصد بفعلته الا التغلب على بركة فبعث به إلى الإسكندرية معتقلا وأعاد بيبقا الناصري أمير سلاح كما كان واستدعى لها من نيابة طرابلس ووصل الخبر إلى بركة فأسرع الكر من البحيرة وانتظم الحال ونظروا في الوظائف التي خلت في هذه الفتنة
(٤٦٨)