الناصر ثم تنكر له السلطان سنة ست وثلاثين لشئ نمى له عن بنيه فأسكنه بالقلعة ومنعه من لقاء الناس فبقي حولا كذلك ثم ترك سبيله ونزل إلى بيته ثم كثرت السعاية في بنيه فغربه سنة ثمان وثلاثين إلى قوص هو وبنيه وسائر أقاربه وأقام هنالك إلى أن هلك سنة أربعين قبل مهلك الناصر وقد عهد بالخلافة لابنه أحمد ولقبه الحاكم فلم يمض الناصر عهده في ذلك لان أكثر السعاية المشار إليها كانت فيه فنصب للخلافة بعد المستكفى ابن عمه إبراهيم بن محمد ولقبه الواثق وهلك لأشهر قريبة فاتفق الأمراء بعده على امضاء عهد المستكفى في ابنه أحمد فبايعوه سنة احدى وأربعين وأقام في الخلافة إلى سنة ثلاث وخمسين فتوفى وولى أخوه أبو بكر ولقب المعتضد ثم هلك سنة ثلاث وستين لعشرة أشهر من خلافته ونصب بعده ابنه محمد ولقب المتوكل ونورد من أخباره في أماكنها ما يحضرنا ذكره والله سبحانه وتعالى أعلم بغيبه * (نكبة تنكز ومقتله) * كان تنكز مولى من موالي لاشين اصطفاه الناصر وقربه وشهد معه وقائع التتر وسار معه إلى الكرك وأقام في خدمته مدة خلعه ولما رجع إلى كرسيه ومهد أمور ملكه ورتب الولاية لمن يرضاه من أمرائه بعث تنكز إلى الشأم وجعله نائبا بدمشق ومشارفا لسائر بلاد الروم ففتح ملطية ودوخ بلاد الأرمن وكان يتردد بالوفادة على السلطان يشاوره وربما استدعاه للمفاوضة في المهمات واستفحل في دفاع التتر وكيادهم ولما توفى أبو سعيد وانقرض ملك بنى هلاكو وافترق أمر بغداد وتورين وكانا معا يجاورانه ويستنجد انه وسخطه بعضهم فراسل السلطان بغشه وادهانه في طاعته ممالاة أعدائه وشرع السلطان في استكشاف حاله وكان قد عقد له على بنته فبعث دواداره باجار يستقدمه للأعراس بها وكان عدوا له للمنافسة والغيرة فأشار على تنكز بالمقام وتخليه من السلطان وغشه في النصيحة وحذر السلطان منه فبعث الملك الناصر إلى طشتمر نائب صفدان يتوجه إلى دمشق ويقبض عليه فقبض عليه سنة أربعين لثمان وعشرين سنة لولايته بدمشق وبعث الملك الناصر مولاه لشمك إلى دمشق في العساكر فاحتاط على موجوده وكان شيئا لا يعبر عنه من أصناف المتملكات وجاء به مقيدا فاعتقل بالإسكندرية ثم قتل في محبسه والله تعالى أعلم * (وفاة الملك الناصر وابنه أنوك قبله وولاية ابنه أبى بكر ثم كجك) * ثم توفى الملك الناصر محمد بن المنصور قلاون أمجد ما كان ملكا وأعظم استبدادا توفى على فراشه في ذي الحجة آخر احدى وأربعين وسبعمائة بعد أن توفى قبله بقليل ابنه أنوك
(٤٤٢)