وحسم عللهم وحضر في ثورة انيال فجلا في ذلك اليوم لشهامته واقدامه وكان هو المتولي تسور الحائط واحراق الباب الظهراني الذي ولجوا عليه وأمسكوه فكان يمت بهذه الوسائل اجمع والسلطان يرعى له الا انه كان ظلوما غشوما فكثرت شكايات الرعايا والمتظلمين به فتقبض عليه لأول بيعته وأودعه السجن ثم عفا عنه وأطلقه وبقي مباكرا باب السلطان مع الخواص والأولياء وطوى على الغث وتربص بالدولة ونمى عنه أنه فاوض الخليفة المتوكل بن المعتضد في الانتقاض والاجلاب على الدولة بالعرب المخالفين بنواحي برقة من أهل البحيرة وأصحاب بدر بن سلام وأن يفوض الخليفة الامر إلى سوى هذا السلطان القائم بالدولة وانه داخل في ذلك بعض ضعفاء العقول من امراء الترك ممن لا يؤبه له فأحضرهم من غداته وعرض عليهم الحديث فوجموا وتناكروا وأقر بعضهم واعتقل الخليفة بالقلعة وأخرج قرط هذا لوقته فطيف به على الجمل مسمرا ابلاغا في عقابه ثم سيق إلى مصرعه خارج البلد وقد بالسيف نصفين وضم الباقون إلى السجون وولى السلطان الخلافة عمر بن إبراهيم الواثق من أقاربه وهو الذي كان الملك الناصر ولى أباه إبراهيم بعد الخليفة أبى الربيع وعزل عن ابنه أحمد كما مر وكان هذا كله في ربيع سنة خمس وثمانين وولى مكانه أخوه زكريا ولقب المعتصم واستقرت الأحوال إلى أن كان ما نذكره ان شاء الله تعالى * (نكبة الناصري واعتقاله) * كان هذا الناصري من مماليك بيبقا وأرباب الوظائف في أيامه وكان له مع السلطان الظاهر ذمة وداد وخلة من لدن المربى والعشرة فقد كانوا أترابا بها وكانت لهم دالة عليه لعلو سنه وقد ذكرنا كيف استبدوا بعد ايبك ونصبوا الناصري أتابكا ولم يحسن القيام عليها وجاء طشتمر بعد ذلك فكان معه حتى في النكبة والمحبس ثم أشخص إلى الشأم وولى على طرابلس ثم كانت ثورة انيال ونكبته في جمادى سنة احدى وثمانين فاستقدمهم من طرابلس وولى أمير سلاح مكان انيال واستخلصه الأمير بركة وخلطه بنفسه وكانت نكبته فحبس معه ثم أشخص إلى الشأم وكان انيال قد أطلق من اعتقاله وولى على حلب سنة ثنتين وثمانين مكان منكلي بقرى الأحمدي فأقام بها سنة أو نحوها ثم نمى عنه خبر الانتقاض فقبض عليه وحبس بالكرك وولى مكانه على حلب بيبقا الناصري في شوال ثلاث وثمانين وقعد الظاهر على التخت لسنة بعدها واستبد بملك مصر وكان الناصري لما عنده من الدالة يتوقف في إنفاذ أوامره لما يراه من المصالح بزعمه والسلطان ينكر ذلك ويحقده عليه وكان له مع
(٤٧٥)