رأيهم على أن يستدعى طشتمر من الشأم وينصبوه للامارة فبعثوا إليه بذلك وانتظروه [استبداد الأميرين أبى سعيد برقوق وبركة بالدولة من بعد ايبك ووصول طشتمر من الشأم وقيامه بالدولة ثم نكبته] لما تغلب هؤلاء الأمراء على الدولة ونصبوا بيبقا الناظري ولم يمضوا له الطاعة بقي أمرهم مضطربا وآراؤهم مختلفة وكان برقوق وبركة أبصر القوم بالسياسة وطرق التدبير وكان الناظري يخالصهما كما مر فتفاوضوا في القبض على هؤلاء المتصدين للمنازعة وكج شكائمهم وهم دمرداش اليوسفي وترباى الحسيني وافتقلاص السلجوقي واستدمر بن العثماني في آخرين من نظرائهم وركبوا منتصف صفر وقبضوا عليهم أجمعين وبعثوا بهم إلى الإسكندرية فحبسوهم بها واصطفوا بلاطا منهم وولوه الامارة وخلطوه بأنفسهم وأبقوا بيبقا الناظري على أتابكيته كما كان وأنزلوه من القلعة فسكن بيت شيخو قبالته وولى برقوق أمير الماخورية ونزل باب الإصطبل وولى بركة الجوباني أمير مجلس واستقرت الدولة على ذلك وكان طشتمر نائب الشأم قد انتقض واستبد بأمره وجمع عساكر الشأم وأمراءه واستنفر العرب والتركمان وخيم بظاهر دمشق يريد السير إلى مصر وبرز ايبك من مصر بالسلطان والعساكر يريد الشأم لمحاربته فكان ما قدمناه من نكبته وخروج الأمراء عليه ومصيرهم إلى جماعة البيبقاوية الطائرين بايبك ومقدمهم بيبقا الناظري ثم تفاوض بيبقا الناظري مع برقوق وبركة في استدعاء طشتمر فوافقاه ونظراه رأيا وفيه؟؟ من الذين معه وحسم الداء منه بكونهم في مصر فكتبوا إليه بالوصول إلى مصر للأتابكية وتدبير الدولة وانه شيخ البيبقاوية وكبيرهم فسكنت نفسه لذلك ووضع أوزار الفتنة وسار إلى مصر فلما وصلها اختلفوا في أمره وتعظيمه وأركبوا السلطان إلى الزيد ابنة لتلقيه ودفعوا الأمراء إليه وأشاروا له إلى الأتابكية ووضعوا زمام الدولة في يده فصار إليه التولية والعزل والحل والعقد وولى بيبقا الناظري أمير سلاح مكان سباطا وبعثوا بلاطا إلى الكرك لاستقلال طشتمر بمكانه وولى بندمر الخوارزمي نائبا بدمشق على سائر وظائف الدولة ومماليك الشأم كما اقتضاه نظره ووافق عليه استاذدار برقوق وبركة وولى ايبك اليوسفي فرتب برقوق رأس نوبة مكان الناصري واستمر الحال على ذلك وبرقوق وبركة أثناء هذه الأمور يستكثران من المماليك استغلاظا لشوكتهما واكتنافا لعصبيتهما ان يمتد الأمير إلى مراتبهما فيبذلان الجاه لتابعهما ويوفران الاقطاع لمن يستخدم لهما ويخصان بالامرة من يجنح من أهل الدولة إليهما والى أبوابهما وانصرفت الوجوه عن سواهما وارتاب طشتمر بنفسه في ذلك وأغراه أصحابه بالتوثب بهذين الأميرين فلما
(٤٦٧)